الايلاف القرشي هو مؤسسة اقتصادية أدت دورا كبيرا في زمانها ، وحتى حين ننظر الى الامر بمعايير الاقتصاد الحالية بعد اكثر من الف وخمسمائة سنة نجد انها سياسة اقتصادية ناجحة ،فقد شهدت اعمال الصرافة لاول مرة في عالم ذلك الزمان بالتبادل بين عملات بيزنطة واليمن وفارس ، وتنشيط التجارة في الموانئء وتنوع البضائع ونشر ثقافة التقارب بين الشعوب ، ولكن كان لفكرة الايلاف اساس عند "هاشم " حين بادر بمشروعه الاقتصادي ،

وبالرجوع الى امهات الكتاب بمثل كتاب القرطبي الاندلسي المتوفي سنة 1273 ومن كتبه تفسير القرطبي والجامع لأحكام القرآن ولما اوره العالم والفقيه التونسي الطاهر بن عاشور المتوفي 1973م في كتابه التحرير والتنوير وكشف المغطى من المعاني والالفاظ الواقعة في الموطأ ، تنزاولوا ظاهرة قرشية اسمها " الاعتفار " وهذا ما جاء حولها :

" وكان الذي سن لهم هاتين الرحلتين هاشم بن عبد مناف ، وسبب ذلك أنهم كانوا يعتريهم خصاصة، فإذا لم يجد أهل بيت طعاما لقوتهم حمل رب البيت عياله إلى موضع معروف، فضرب عليهم خباء وبقوا فيه حتى يموتوا جوعا . ويسمى ذلك الاعتفار بالعين المهملة وبالراء وقيل بالدال عوض الراء وبفاء. فحدث أن أهل بيت من بني مخزوم أصابتهم فاقة شديدة فهموا بالاعتفار فبلغ خبرهم هاشما لأن أحد أبنائهم كان تربا لأسد بن هاشم ، فقام هاشم خطيبا في قريش وقال إنكم أحدثتم حدثا تقلون فيه وتكثر العرب وتذلون وتعز العرب وأنتم أهل حرم الله، والناس لكم تبع ويكاد هذا الاعتفار يأتي عليكم ، ثم جمع كل بني أب على رحلتين للتجارات فما ربح الغني قسمه بينه وبين الفقير من عشيرته حتى صار فقيرهم كغنيهم ،

وفيه يقول مطرود الخزاعي :

يا أيها الرجل المحول رحله ...... هلا نزلت بآل عبد مناف

الآخذون العهد من آفاقها ......... والراحلون لرحلة الإيلاف

والخالطون غنيهم بفقيرهم ...... حتى يصير فقيرهم كالكافي

وهنا نرى كيف عالج هاشم بن عبد مناف في سن الرحلتين مشكلة اقتصادية بالاستثمار والتشغيل لعشيرته وتحقيق الرفاه الاجتماعي والقضاء على عادة بغيضة بسبب الفقر .