الحرب على غزة وضعتنا أمام حقائق مذهلة، كنا ندركها ونعرفها، لكنا تغاضينا، وتناسينا البحث بها والتعرف على تبعاتها، لأننا كنا وما زلنا نخادع انفسنا ونخبئ رؤوسنا في الرمال؟!. ونريح انفسنا من أن نواجهها، كوننا لا نريد أن نقف عند حقيقة قيمتنا، وموقعنا ونظرة زعماء العالم الغربي وامريكيا لنا!
فحرب غزة التي غيرت تاريخا طالما صنع من اجل التحدي والسيطرة في الشرق الأوسط، صنع ليكون وحشا منزوع الرحمة والإنسانية، تربى في غابة الوحوش وتعلم لغة الافتراس وشريعة الغاب ، بكل معانيها وشرائعها وقوانينها ، فالتقاء المصلحة الغربيةفي الهيمنة والسيطرة مع أطماع الصهيونية العالمية بامجاد الدولة الصهيونية في اقدس واغنى وأهم منطقة على الكرة الأرضية ، جعل من هذا التحالف وحش ينقض على كل من يقف لتحقيق هذه المطامع والمصالح . مبرهنين يوما بعد يوم وبالجرم المشهود بأنهم الاعظم عداوة للإنسانية ، والأكثر بعدا عن حقوق الانسان ، والابشع ممارسة بحق الحياة التي منحها الله للبشر اجمعين . وبوحشية اثبتت أنها اعظم من ساكني الغابات والمتقيدين بشريعة الغاب . وبسلوك البرابرة والوحوش ، الذين يتحركون بغريزة الافتراس والقضاء على معالم الحياة .
لم يتوانا نتنياهو وهو الزعيم الصيوني المنتخب ولا زعيم الديمقراطية المتشدقة بالحقوق الإنسانية ووزرائه وموظفي البيت الأبيض وزعماء بريطاني وفرنسا وألمانيا من وصفنا بالوحوش والحيوانات ، ولم يكف لسانهم عن نعتنا بالبرابرة المتوحشون ، وكأن الإنسانية التي بعثت مع خلق الانسان لا يمكن أن تكون فينا ، ولا نستحق أن نكون من البشر ، ؟ ولا شفقة علينا حتى ولو قتلنا وذبحنا جهارا نهارا ـ أطفالا ونساءا شيوخا وشبابا.
القضية ليست مسألة كر وفر وحرب ومعارك بين الطرفين ، فالصراع العربي الإسرائيلي لن ينتهي حتى قيام الساعة كما نحن موعدين بالقرآن والاحاديث ، وقد تعودنا على هذا الزجال الذي يمهد له الله حتى يأتي اليوم العظيم ، لكن الأخطر والاهم هذه النفسيات الاروبية والأمريكية التي صنعتها الصهيوينية وسيطرتها على العالم الغربي وأمريكيا ، وبكل ما تحمل من أكاذيب ودسائس تعرفها أجهزة الدول الغربية وأثبتتها ، لكن موقعنا في رؤيتهم وأمام مصالحهم ، فضح مواقفهم الجهرية في التكالب على كل ما هو عربي وكل ما هو مسلم .
هذا الامر يعيدنا الى نقطة الصفر ، ويضعنا أمام كل الحقائق الدامغة في أن كل الجهود التي بذلت أو التي ستبذل ، ولا هذا العناء المصروف في تعزيز التقارب ، والتسويق لموقفنا ،ولا كل التعب ومحاولات شرح قضيتنا وتبيان حقيقتنا ، ومواقنا وسلميتنا ، وإنسانيتنا لم تفلح في تحريك ولو مستوى شعرة ،عند المواقف الحاسمة والمصيرية المطلوبة خاصة بمثل هذه الاحداث التي نشهدها بغزة ، فموقف الملك الكامل محمد ابن الملك العادل وتقاربه مع الصليبيين وتحالفه معهم ضد اخية المعظم عيسى في بيت المقدس ابان العصور الوسطى ، لم ينقذه من محاولات السيطرة علية والامتداد لقتله واحتلال بلاده . وقد كتب التاريخ أن النصر لا يتحقق إلا بالتحالف وتوحيد الامة العربية والإسلامية .
لا يجرأ ولا يستطيع أي زعيم عربي التجرأ بالادعاء بأنه حليف أمريكيا ، لان التحالف يعني الدعم والتأييد والاحترام بالضبط كما تفعل أمريكيا واروبا مع إسرائيل ونتنياهو ماض وحاضر ومستقبلا ، وهي تدير وجهها لكل العرب منفردين أومجتمعين ، فهذه قناعة موجودة لدى أمريكيا والغرب وتوحدهم في الرؤية مع الصهيونية العالمية
فحتى لانكون برابرة ومتوحشين وحتى لا نكون حيوانات الغابة المفترسين كما يقولون ويدعون ويمارسون اعتى صنوف الدمار والقتل والتبشيع بالأطفال والنساء والكبار الشباب ، وتدمير المستشفايات وقطع الماء والكهرباء وضرب المخابز والمحال. فهل نوحد خطابنا ونزجرهم بقرار واحد على ما يفعلون.
آن الآوان أن نفهم أن القصة ليست غزة، وأن الهدف ليس غزه ولا الوقوف فقط عند فلسطين وحدها، أولم نهرش رؤسنا ونواجه حلم الصهيونية الكبرى حتى نستفيق من سباتنا . فلن ينجو أحد ، وهل يفيق اشقاءنا في في الخليج ويتمعنوا بما قالته جولدمائير "أنها تشتم رائحة أهلها في خيبر" . ، أنها مراحل القصة الصهيونية من بدايتها وحتى نهايتها .
آن الأوان أن نواجه الحقيقة ، وأن نوقف هذا الطوفان الأمريكي الصهيوني الغربي ، وأن نقول لزعماء هذا التحالف الشيطاني كفى .........وكفى لا يمكن أن تكون واقعا إلا بالوحدة والتلاحم والتقارب ، وتناسي سفاسف الخلاف وهمجية تراشقات الكلام ، آن الأوان ان نستخدم ما حبانا الله به لاعلاء كلمته ونقول للعالم نحن بشر ونحن أبناء السلم والسلام ورسل السلام ، ولكننا لا نقبل الضيم ولا نقبل الهوان . آن الأوان ، ان نعود لشعوبنا ، وأن تمارس الشعوب حقوقها . بفرض إرادتها ؟ لا بد من انقاذ انفسنا من هذا الطوفان المتوحش قبل أن نكون ضحايا التآمر . وهذا لا يتحقق إلا بالدولة العربية الموحدة والعالم العربي الموحد ، والولايات العربية المتوحدة ، فهل نفيق ونصحى قبل فوات الأوان.