قربُ إتفاق أم حربُ أنفاق!
د. عادل محمد القطاونة
01-11-2023 11:13 PM
في ديسمبر 2021، أعلنت إسرائيل إكتمال بناء الحاجز الأمني الضخم الذي يمتد على طول قطاع غزة فوق الأرض وتحتها، واستغرق المشروع الذي كلف 3.5 مليار شيكل (1.1 مليار دولار) أكثر من ثلاث سنوات ونصف من العمل، وفق وزارة الدفاع الإسرائيلية، كان هذا الحاجز بمثابة حاجز طمأنينة للإسرائيليين بأن الجانب الأمني أصبح مضموناً والتوسع الاستيطاني أمراً محسوماً!
بعد بناء الحاجز الأمني، وفي تقدير خاطىء للجيش الاسرائيلي، اطمأنت الجهات الأمنية من عدم جدوى الأنفاق لدى حركة حماس، بعد ذلك قامت بتخفيض الأسلحة الموجودة بين أيدي سكان غلاف غزة، كما وقامت بتقليل عدد أبراج المراقبة! حماس من جهتها استغلت السنوات الماضية ببناء شبكة أنفاق ضخمة داخل القطاع، يبلغ عددها حوالي 1285 نفق، تقع في عمق يصل ما بين 60-70 متراً تحت الأرض، ويبلغ طولها حوالي 500 كيلومتر.
ذكر خبير أمني اسرائيلي أن الأنفاق في غزة أطول مما يعتقده البعض وأنها ربما تبلغ آلاف الكيلومترات، وأضاف الخبير خلال مقابلة مع صحيفة «غلوبس»، أن «الكلام يكون دقيقاً أكثر إذا تحدثنا عن الآف الكيلومترات، هذه الأنفاق تعتبر ثاني أكبر شبكة من نوعها في العالم بعد شبكة كوريا الشمالية، وسيكون من الصعب الاعتماد على الروبوت بداخلها، لأن الروبوت لا يعمل بهذا العمق تحت الأرض، والقتال داخل الأنفاق شبه مستحيل.
يقول جون سبنسر، رئيس دراسات الحرب المدنية في معهد الحرب الحديثة في الأكاديمية العسكرية الأميركية وست بوينت، إن حجم التحدي في غزة مع وجود هذه الأنفاق يشكل حالة فريدة من نوعها، وفي مقال نشره قبل أيام قال سبنسر، وهو ضابط سابق في الجيش الأميركي، إن شبكة الأنفاق الكبيرة والمتشعبة تشكل معضلة عصية على الحل، وخطراً يتربص بالقوات البرية الإسرائيلية.
يرى بعض الخبراء العسكريين أن هذه الأنفاق تحدث توازناً بين طرفي القتال، لأنها تُحيد مزايا إسرائيل التسليحية، التكتيكية، التكنولوجية والتنظيمية، كما أنها تشكل خطر إنعدام القدرة على التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، وعليه فإن الجيش الإسرائيلي سيواجه مشاكل في كل ما يتعلق بالعمليات العسكرية داخل المناطق المدنية، التي يمكن وصفها بأنها قتال ثلاثي الأبعاد، حيث ستكون هناك جهات تطلق النار من فوق أبراج سكنية، وسيكون أيضاً هناك من يطلق النار من تحت الأرض، كما أن هدم المباني لن يكون حلاً استراتيجياً، فالمباني المهدمة تتحول لمتاريس يحتمي بها مقاتلو المقاومة لاقتناص الجيش الإسرائيلي.
اخيراً وليس آخرًا، وفي ظل إستمرار الحرب الاسرائيلية على غزة، وإصرار اسرائيل بالقضاء على حماس ودفع أهالي غزة بإتجاه الجنوب؛ وعدم وضوح الرؤيا في ملف المحتجزين لدى حماس، يرى الكثيرون من قادة العالم أنه حان الوقت أكثر من أي وقت لتدخل وتوافق دولي على وقف العدوان الاسرائيلي، وصدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار وإعادة الاعتبار للقانون الدولي الإنساني الذي يحرم قتل المواطنين، ويمنع العمليات العسكرية في المناطق السكنية.