جميع الأطراف المشتبكة مع حرب إسرائيل على غزة وتلك المراقبة تنتظر ما سيقول أو يعلن عنه أمين عام حزب الله حسن نصر الله الجمعة القادمة، ومن المرجح كما يقول الكثير من المحللين أن الرجل لن يأتي بجديد يغير ظروف الإشتباك الحالي في الجنوب اللبناني مع إسرائيل، وذلك أولا استنادا إلى الموقف الإيراني الذي يصر الساسة الإيرانيون من خلاله على عدم نية طهران التورط في الحرب، رغم أن معظم أذرعتها في المنطقة في حالة اشتباك كما هو في لبنان واليمن والعراق بأشكال وسقوف مختلفة،كما أن السؤال الكبير يظل دائما حاضرا وهو هل يستطيع أن يتحمل حزب الله تدمير لبنان من جديد إذا وسع مساحات المعركة؟
من جهة أخرى هناك من يرجح أن حسن نصر الله سيعلن الحرب الكاملة على إسرائيل، وبالتالي فتح جبهات حرب إقليمية شاملة في المنطقة، وخلط جميع الأوراق، وهذا احتمال لا زال بعيدا وإن كانت مناوشاته قد تبدو على الأرض واضحة لكنها لن تتجاوز الحدود التي وصلتها، لأن إيران لن تغامر بالتورط بالحرب وحتى لو لم تشترك بنفسها، سيحملها الإسرائيليون والأمريكيون مسؤولية من يقاتلون باسمها، وسيجدون فرصة لضربها أو على الأقل تكسير أذرعتها في المنطقة، وستدفع إيران ثمنا باهظا على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي، وهذا ما لا تريده طهران.
ويستند أصحاب ترجيح احتمال اندلاع حرب شاملة إلى التواجد العسكري الغربي الكبير في المنطقة، سواء على الأرض أو في البحار، ولكن لا زال سبب هذا التواجد كما يعلن الأمريكيون أنفسهم للردع فقط، لأن واشنطن هي نفسها لا ترغب بأن تتورط بحرب جديدة في المنطقة هي أيضا، بعد تجاربها السابقة التي تكبدت فيها خسائر فادحة لا زالت تعاني من نتائجها حتى اليوم، إضافة إلى أن عينها لا زالت مفتوحة على الجبهة الأوكرانية التي يحذر الكثير من السياسيين والعسكريين الأمريكيين من أن تقوم موسكو باغتنام فرصة انشغال أمريكا بحرب غزة وتقلب الأمور على هذه الجبهة ، وهذا بالطبع سيشكل ضربة قوية لواشنطن ناهيك عن الصين والقلق الأمريكي الدائم إزاء تحركاتها في كل الاتجاهات وتلويحها بتحدي واشنطن باستمرار .
بالمحصلة، الولايات المتحدة ليست جاهزة الآن لفتح جبهة جديدة في الشرق الأوسط، ووقوفها إلى جانب إسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين هو من أجل حمايتها ومحاولتها المستميتة لمنع تمدد الحرب خارج فلسطين.
الذين يتحدثون عن إمكانية نشوب حرب إقليمية ماذا يقصدون عمليا؟
فكما أشرت، أن هذه الحرب التي يتوقعونها جبهاتها أصلا مشتعلة في غزة وجنوب لبنان وكذلك جبهة الحوثيين، إضافة إلى التململ في الجبهات العراقية على الحدود، هذه هي أطر الحرب التي يتحدث البعض عنها، إذ من المستحيل أن يدخل طرف جديد على خطوط الحرب مثل تركيا أو أي دولة عربية حتى إيران نفسها كما أشرت، ومن المستبعد أن تتورط مباشرة في الحرب والأرجح انها ستقوم بضبط ايقاع أذرعها في المواجهة!
وعلى خط الجبهة الآخرى، الذي سيشتبك مع هذه القوى، إسرائيل والولايات وهما اصلا لا يحبذان إتساع الحرب كما أشرت لذلك أعتقد أن حدود الحرب في المنطقة تحددت أطرها ، ولا شك أن السياسة تعمل هذه الأيام على كل المستويات خلف دخان المعارك لتخرج في اللحظة المناسبة وتقول كلمتها بعيدا عن حسابات وغرور وحمق القيادة الإسرائيلية التي أوصلت الأمور في المنطقة إلى هذه الحفرة، وهذا رأي أصبح يتمدد ويتوسع في العالم الغربي، وبدأت فكرة إنهاء الاحتلال لفلسطين تبرز أكثر في الدوائر السياسية هناك، والإشارة إلى أنها الطريق الوحيد لإيقاف الفوضى والصدام الدائم في المنطقة.
الأيام القادمة لا شك أنها مليئة بالأحداث وستحسم مصير الصراع وستكون السياسة حاضرة بشكل أوضح ومن وراء دوي القصف والمدافع، ولكن تبقى مساحة واسعة لحدوث المفاجآت.