متى يصبح الحب مرضًا ويغدو عبئاً ثقيلاً؟
31-10-2023 11:13 AM
عمون - يُشكل الحب ذروة المشاعر لدى الإنسان وعواطفه، فكثيرًا ما يرتبط بالطمأنينة والثبات والاستقرار، في حين يعتقد معظم الأفراد بأن الحب غالبًا ما يتسم بالتعقيد؛ فالبعض قد يشعر بالحب دون أن يمتلك القدرة الكافية للتعبير عن ذلك، والبعض الآخر قد يبالغ في التعبير عن مشاعره والبوح عنها، في حين قد يعاني البعض في العثور على المُحب إن لم يخطئ في اختياره، تلك هي تعقيدات العاشق في الحب، فهل الحب عاطفة لا يمكن النجاة منها؟
العبيدُ الجُدد – إدمان الحب.
ليست جميع العلاقات في الحب ناجحة، لكن على الأفراد أن يتدربوا للخروج بشكل سليم ومتوازن من العلاقات السابقة والقدرة على التشافي السريع من أجل البدء مرة أخرى بطريقة سليمة وصحية دون وجود أيَّ تأثير عالق من الماضي، حيث أن تكوين ارتباطات غير صحية مع الآخرين قد يؤثر على جودة العلاقة العاطفية وكيفية التصرف بعد الانفصال.
يُعد الانفصال عن الطرف الآخر قرارًا في غاية الصعوبة قد يستغرق وقتًا كبيرًا في اتخاذه والشروع في تطبيقه وقد يبذل الأفراد جهدًا لقبول الفكرة والشفاء من العواطف والذكريات العالقة من التجارب السابقة. فالأفراد قد يعانون من اضطرابات التعلق ما بعد الانفصال مما يجعلهم يشعرون بالهوس تجاه جميع الأشخاص الذين يتواصلون معهم. ويصبحون مستعبدين لهم وهو ما يسمى مؤخرًا بـ "العبيدُ الجدد"، فما هي علامات العبيدُ الجُدد في العلاقات العاطفية؟
يقدم موقع verywellmind-com مجموعة من الصفات والخصال التي تشير إلى الهوس والتعلق المرضي من قبل أحد الشريكين اتجاه بعضهما البعض، ويناقش العديد من التساؤلات المهمة، أبرزها: متى يصبح الحب مرضًا؟ وما هي علامات التعلق الشديد بالطرف الآخر؟ ويلخصها في النقاط الآتية:
1. التواصل المستمر خوفًا من الانفصال.
إن الخوف المستمر من الانفصال يشكل حالة عاطفية تتسم بالقلق المستمر وعدم التوازن. فالانفصال العاطفي يشكل حالة نفسية واجتماعية سلبية تُلقي بظلالها على الشريكين، فالخوف الدائم المصاحب لأحد أطراف العلاقة يدفعه إلى التواصل بشكل مطول ليشكل مصدرًا للصراع والتوتر.
ويعد هذا مؤشرًا خطيرًا على إدمان الحب في العلاقة مع الشريك، لذلك يسعى الشخص المهووس عاطفيًا من تبرير تواصله المستمر والمتكرر مع الطرف الآخر بالتعبير عن الحب والوفاء والإخلاص رغبة منه في معرفة جميع التفاصيل والشعور بالسيطرة على تفاصيل حياته بالكامل دون استثناء.
2. محاولة فرض السيطرة على الشريك.
تشكل محاولة فرض السيطرة على الطرف الآخر في العلاقة العاطفية حالة غير صحية يمكن أن تؤدي إلى عدم استمرارتها وإلى زيادة حدة الانفعالات بين الطرفين، فالشخصية المهووسة تحاول فرض التغيير بما يتلائم وتطلعاتها في العلاقة مع الشريك؛ كمحاولة للسيطرة على الطرف الآخر بشكل غير صحي ومرضي ينبئ عن تعلق شديد ومخيف.
"الهووس بالحب قد يجعل الشخص يركز على الطرف الآخر كما لو أنه شيئًا يمتلكه"
3. الشعور بالغيرة من العلاقات الأخرى.
قد يبدأ التعلق العاطفي والهوس في العلاقة العاطفية مع الطرف الآخر من خلال الغيرة المفرطة وغير اللائقة والملائمة، فالشخص المهووس يمكن أن يبدأ بمراقبة شريكه بشكل مفرط، من خلال هاتفه أو محاولة معرفة أدق التفاصيل عن حياته. وقد يميل الشخص المهووس في العلاقة العاطفية إلى الانعزال اجتماعيًا عن جميع الأصدقاء والأقارب والتمسك بوجود الشريك والتركيز على كافة تفاصيله.
4. المبالغة في تقديم الرعاية والحماية.
تمثل سلوكيات الشخص المهووس عبئًا على الطرف الآخر في العلاقة من خلال المبالغة في الحرص ومحاولة تقديم الرعاية المفرطة؛ لذا فإنه يسعى بكامل جهده إلى محاولة اتخاذ القرارات لوحده وبالنيابة عن الطرف الآخر، بالإضافة إلى محاصرة الشريك بالعديد من التفاصيل والأسئلة بسبب القلق المفرط حول سلامته أثناء التنقل والقيام بالأنشطة برفقة الأصدقاء.
5. المبالغة في المشاعر.
يميل الشخص المهووس عاطفيًا إلى التعبير المفرط عن مشاعره، وذلك من خلال التصريح المتكرر بالحب والإعجاب الشديدين ومحاولة التأكيد المستمر عن عمق ولائه وانتمائه للشريك. فالسلوكيات المبالغ بها في إظهار الحب والتعلق الشديدين للبقاء بالقرب من الطرف الآخر تسبب عُطلا في حياة الشريك أو الطرف الآخر.
كما وأن الشخص المهووس عاطفيًا يبحث بشكل دائم من الشريك على التأكيد المستمر عن الحب والالتزام، بالإضافة إلى رغبتة المستمرة للبرهان على ذلك من خلال تقديم التضحيات المستمرة والمفرطة.
6. الشعور بالتملك.
يعيش الشخص المهووس عاطفيًا في حالة من القلق المستمر والشكوك الدائمة حول انتماء وولاء الشريك له. لذا يحاول أن يظهر تملكًا شديدًا إلى الطرف الآخر خوفًا من فقدانه وخسارته. ويعبر عن ذلك من خلال محاولة توجيه العلاقة بالشكل والغاية التي يحددها لوحده ومراقبة جميع أنشطة وفعاليات الطرف الآخر ومحاولة حصرها بنطاق علاقته فقط.
7. الصعوبة في الانفصال.
يخشى الشخص المهووس عاطفيًا من قرار الانفصال خوفًا من العواقب النفسية والعاطفية والاجتماعية، لذا يسعى جاهدًا للبقاء على علاقته مع الشريك حتى ولو على حساب سعادته والطرف الآخر. فالانفصال يسبب حالة من الألم، الخوف والقلق من البقاء وحيدًا. وقد يلجأ الشخص الهووس إلى استخدام التهديدات أو الابتزاز للحفاظ على العلاقة أو لمنع الشريك من الرحيل مما يشكل خطرًا كبيرًا على طرفي العلاقة.
في الختام، يبقى الحب مفهومًا نظريًا في فكر الإنسان إلى أن يعيش تجربة الارتباط أو نتائج الانفصال عن الشريك، وسواء أن كانت التجربة ناجحة أو باءت بالفشل تبقى لكل علاقة خصوصيتها الفريدة ومكانتها وتقييماتها المختلفة.
فالحب مغامرة عاطفية محكومة للعديد من الفرضيات النفسية والعاطفية والعائلية بالإضافة إلى العوامل الفيزيولوجية وتأثيرها على الأفراد في مقتبل العمر. لكن يبقى الحب الحقيقي هو الحب الناضج القادر على مواجهة الصعاب والوقوف أمام التحديات ضمن أطر صحية ونفسية سليمة خالية من المبالغة والتهويل والرغبة في إلغاء الآخر وتملكه.
فالحب الحقيقي حالة تشاركية تحيي القلوب والعقول، تسمو به الأرواح لتنتقل سعيدة لا تتوقف أمام عقبات الحياة، إنه تمامًا كما البشر في سكون أو انكسار مفاجئ، فكل شيء في الحياة يصبح باهتًا مع الزمن إلا الحب الحقيقي.
"سيدتي"