انتصار المقاومة الفلسطينية إعلاميا
د. محمد عبدالله اليخري
30-10-2023 10:03 PM
في عصر التكنولوجيا الحديث، حيث يمكن أن تكون المعلومات بنفس قوة القوة العسكرية، تخطو المقاومة الفلسطينية خطوات كبيرة في المعركة الإعلامية ضد إسرائيل. في حين أن إسرائيل معروفة منذ فترة طويلة باستخدامها الماهر لوسائل الإعلام لتشكيل الرأي العام، فقد أظهرت الأحداث الأخيرة أن الطاولة انقلبت. وقد نجحت المقاومة الفلسطينية، وتحديدا كتائب عز الدين القسام، في توظيف استراتيجيات إعلامية لعرض جانبها من القصة، وفضح الادعاءات الإسرائيلية، وحشد الدعم للقضية الفلسطينية. في هذا المقال نكشف كيف غيرت الجهود الإعلامية للمقاومة الرواية حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
توثيق عمليات طوفان الأقصى بحرفية
خلال عمليات طوفان الأقصى، وثقت كتائب القسام بدقة أعمالها باحترافية وتكنولوجيا عالية الجودة. وقد سمح ذلك للعالم بمشاهدة اقتحام السياج الفاصل بين غزة وغطاءها، واستسلام الجنود الإسرائيليين، والاستيلاء على العديد من المستوطنات. وكانت تغطيتهم الإعلامية المهنية خطوة استراتيجية سلطت الضوء على جانبهم من القصة، وفضحت فعليا أي ادعاءات إسرائيلية محتملة في المستقبل. إنها شهادة على وجود خليتهم الإعلامية في الخطوط الأمامية، وتوثيق كل مرحلة من مراحل العملية.
ظهور أبو عبيدة الإعلامي
دأب أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام، على إيصال رسائل إعلامية مصاغة بعناية، مرئية ودقيقة على حد سواء. إن قدرته على الحفاظ على سرية هويته هي انتصار استراتيجي للمقاومة. وقد لاقت تصريحات أبو عبيدة الواضحة صدى لدى الجماهير العربية والإسلامية والدولية، ما عزز من التأثير الإعلامي للمقاومة.
إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية وأطفالها
في الأيام الأولى للصراع، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي وبعض وسائل الإعلام المقاومة بارتكاب أعمال شنيعة ضد الأطفال منها ما انتشر إعلاميا رواية "قطع رؤوس الأطفال" . حتى أن الإدارة الأمريكية دعمت هذه الادعاءات لفترة وجيزة ومن ثم تراجعت عنها. ومع ذلك، سارعت المقاومة الفلسطينية إلى الرد على هذه الادعاءات بنشر فيديو لسجينة إسرائيلية وطفليها. وأظهر الفيديو الجنود الذين يرافقونها لضمان سلامتها وهي تقترب من الشريط. لم يضف هذا الفيديو طابعا إنسانيا على المقاومة فحسب، بل دحض أيضا مزاعم الحكومة الإسرائيلية بإساءة معاملة الأطفال من قبل حماس.
تسليط الضوء على الجانب الإنساني
استغلت حماس ردود فعل الشارع الإسرائيلي على تعامل الحكومة مع أزمة الرهائن. أصبحت جهود امرأة إسرائيلية لخلق رأي عام حول أسر ابنتها في غزة نقطة محورية. استخدمت حماس هذه الرواية من خلال مشاركة فيديو يظهر الشابة وهي تعالج من إصابة ناجمة عن الغارات الجوية الإسرائيلية تسبب بكسر ذراعها. لم يسلط هذا الفيديو الضوء على الجانب الإنساني للصراع فحسب، بل زاد أيضا من الضغط على حكومة نتنياهو لتسريع المفاوضات لإطلاق سراح السجناء.
تأثير فيديو السجينات الثلاثة
انتشر مؤخرا فيديو يظهر فيه السجينات الثلاثة ضربة سياسية كبيرة لإسرائيل. أربك هذا الفيديو الحكومة الإسرائيلية وشدد على نقطة مهمة في المفاوضات الجارية بشأن إطلاق سراح السجناء. وفي الفيديو، خاطبت احدى السجينات رئيس الوزراء الإسرائيلي باللغة العبرية، متهمين إياه بالفشل في حمايتهم وعدم الصدق في جهوده لتأمين إطلاق سراحهم. وزاد ذلك من الضغوط المتزايدة على الحكومة الإسرائيلية لأخذ عمليات الإفراج عن السجناء بجدية أكبر.
إن نجاح المقاومة الفلسطينية في المعركة الإعلامية لا يمكن إنكاره. فهي لم تتصدى للروايات الإسرائيلية بفعالية فحسب، بل ولدت أيضا دعما كبيرا للقضية الفلسطينية. ويسلط هذا النجاح الضوء على التركيز المتزايد لكتائب عز الدين القسام على الجانب الإعلامي من نضالها، ويكشف زيف ادعاءات الحكومة الإسرائيلية. ويمثل هذا تطورا كبيرا في الاستراتيجية الدفاعية للمقاومة، وهو تطور يمكن أن تكون له عواقب بعيدة المدى في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر. وكما يقول المثل، القلم أقوى من السيف، وفي معركة الرأي العام تثبت المقاومة الفلسطينية صحة ذلك.