أكرِمْ بغَزَّةَ والطُّوفانُ رائِدُها
تَسمو بأفعالِها فوقَ المَدى تَثِبُ
أبناؤُها صُبُرٌ عند الِّلقاءِ، وهم
كُماةُ حَربٍ، فما زاغوا وما ثُلِبوا
همُ الأشاوِسُ، أسدٌ في الوَغى، رغِبوا
شَهادةً، وتنادَوْا، للعُلا ذَهَبوا
لمْ يَأْنسُوا بضَعيفٍ قلبُهُ، رَكَلُوا
كُلَّ البَيادِقِ، والظُّلّامُ قد كُلِبوا
فَجرًا أقامُوا صلاةً، أشهَدُوا زَمَنًا
على الوَفاءِ، فما هانُوا، وما كَذَبوا
نهرُ الفِداءِ هُمُو، والنّاسُ قد سَبَتُوا
كَدافِنٍ رَأسَهُ في دِمنَةٍ، خُشُبُ
طارُوا نُسُورًا، وحَطُّوا والعِدا غُفُلٌ
جاسُوا الدِّيارَ صَباحًا، والعِدا رُعِبُوا
هُمُ المغاويرُ في الحربِ الضَّروسِ، بِهِمْ
تَسمو الجِباهُ، وعِطرُ النَّصرِ يَنسَكِبُ
جُنودُ حَقٍّ ذَوو بأسٍ، فلا وَجَلٌ
عندَ الوَقيعَةِ ما خارُوا، وما وَصِبُوا
لَبَّوْا نِداءً لأقصاهُم، وما نَكَسُوا
جاؤُوا كطُوفانِ عِزٍّ والوَغى لَزَبُ
مَسرى الرَّسولِ يُفَدَّى بالدِّما، قُدُسٌ
والحُلمُ رائِدنا، يخضَرُّ... يرتَقِبُ
جاؤُوا لهم كالرَّدى، مِن فَوقِهِم ويَميـــ
ـــنِهِم ومِن تَحتِهِم والحَيْنُ يَقتَرِبُ
غَذُّوا الخُطى للعِدا فَجرًا، لهم هَدَفٌ
أَنْ يُعمِلُوا السَّيفَ إذْ لا تَنفعُ الخُطَبُ
لله دَرُّ رِجالٍ أَخلصُوا، وطنٌ
لَبُّوا لهُ... كَبَّرُوا، تكبيرُهُم لَهَبُ
لَمْ يَجزَعوُا إذ رَأوْ أعرابَهُم وَلَغُوا
تَناخَ أعدائِهِمْ، هُم للوَرى نَهَبُ
أمسَوْا كريشةِ طَيرٍ في مَهَبِّ عَصا
غُثاءُ سَيلٍ، فِراخٌ ما لها زَغَبُ
جُندُ العِدا نَكَصُوا عندَ الّلقا، جَبُنوا
والحربُ كرٌّ، وهم في نارِها حَصَبُ
جَيشٌ وترسانةٌ، إعلامُهُم كَذِبٌ
حينَ الوَقيعةِ لا حصنٌ ولا حُجُبُ
أبطالُ حربٍ على الأطفالِ ما شبِعوا
مِن لَحمِهِم، والدِّما مشروبهُم سَكَبُوا
دُكَّتْ حُصونُهمو، هُزَّت قواعدُهُم
فاستسلمَ الجُندُ، ذَلُّوا، للوغى حَطَبُ
واستنفرَ الباغي كُلَّ الجِراءِ، أتَوْا
مِنْ كُلِّ صَوبٍ نُباحٌ، ركضُهم خَبَبُ
وأطلَقوا أبواقَ الإِفكِ، وانتحلوا
أوهامهُم، زَوَّروا الأيامَ، وانتَحَبوا
يا بحرَ غَزَّةَ، اهدُرْ، فالبُغاةُ تَنا
دَوْا مِن غياهِبِ أقطارٍ دُمى، نُدبوا
يا أيُّها الباغي، طُوفانُنا قَدَرٌ
والمسجدُ الأقصى بَيتٌ ومُنتَسَبُ
أكرِمْ بغَزَّةَ والطُّوفانُ رائِدُها
لَبَّت نِداءً، فأسرى جُندُها النُّجُبُ