ما قام به (الملك) بخصوص أحداث غزة هو موقف يسجل للدبلوماسية الأردنية أمام نظرائها العربية، قادها هو بنفسه وحكومته عبر وزير الخارجية، فكانوا في قمة الحدث من اليوم الأول للمعركة، فنشطت الجهود الملكية عبر عواصم صنع القرار لمنع تفاقم الأمور في غزة ولمنع التهجير القسري، ولقطع الطريق على المندسين خدمة لأجندات خارجية، حيث استطاعت الدبلوماسية الأردنية أن تقنع مجلس الأمن باستصدار قرار دولي إنساني لرفض العقاب الجماعي في غزة، وعمل الأردن ومنذ اليوم الأول للمعركة المستمرة كخلية لوقف العدوان وللتحذير من آثاره.
كالعادة فقد كان للأردن "الصولات والجولات" في عواصم صنع القرار خدمة لغزة، حيث خلصت نتائجها بمايلي:-
1- لقد شكل دور الأردن الإعلامي حَرَجاً لإسرائيل، ولأول مرة في تاريخ الصراع "العربي-الإسرائيلي" يتجاوز دور الأردن الإعلامي العالمي الدور المماثل له في إسرائيل.
2- لقد كان صوت الأردن وما زال الصوت المسموع والمؤثر والداعم للإخوة الفلسطينيين، سواءً في مجلس الأمن أو العالم أجمع.
3- ماحدث برهن للعالم الدور المحوري للأردن في حماية أطول خطوط المواجهة مع إسرائيل والبالغ حوالي 335 كم، فكما أن هناك حدودا تقدر بحوالي 40 كم بين غزة ومحيطها المحتل، وتشكل حوالي (ثُمن) مكمن الخطر بين حدود الأردن وفلسطين المحتلة؛ مما يعني بأن الأردن لو لوّح بالإضرار بأمن اسرائيل لكان بإمكانه إحداث أضرار مضاعفة.
4- ما تم من أحداث جارية قد لقّنت إسرائيل درسا كافيا ورادعا في تعليم أصول الجوار، وأن أي محاولة للعب مع دول الطوق في المستقبل سيكون لها درسا قاسيا، مما يستدعي الحد من المؤامرات على الأردن، والتي كانت تتم وللأسف بالخفاء بالتنسيق مع بعض من الشركاء في المنطقة.
بقي أن أقول بأن غزة هي قصة "عناد وطني"، غزة هي "حمى عربيا أصيلا" .. هي التضحية والإباء.. غزة أبت أن تقول إلا عبارة (لن أركع)... غزة أبت أن تقول (لم ولن) أرفع راية الإستسلام .. وفي الختام نستودع غزة وأهلها البواسل في رعاية الله وحده..