جريدة السفير اللبنانية نشرت خبراً مختصراً عن مهرجان جرش الشعري، اكتفى الخبر بالإشارة إلى أن الشاعرين اللبنانيين محمد علي شمس الدين والياس لحود سيشاركان في مهرجان جرش الشعري لهذا العام، حيث سيشارك شمس الدين في افتتاح المهرجان، بينما يقوم الياس لحود باختتامه في 5 آب، وسوف يشاركان في قراءات اخرى خلال المهرجان؛ كما ذكر خبر السفير بالحرف.الخبر المختصر كان من الذكاء بحيث يصور للقارئ أن مهرجان جرش سيقوم على شاعرين لبنانيين كبيرين، سواء في الافتتاح او في الاختتام وحتى خلال الامسيات، لكنه في الوقت ذاته ألغى بقية الشعراء المشاركين في المهرجان، وخاصة ان هذا العام كرس للأصوات النسائية، من مختلف الدول العربية، كما أن هناك شعراء عربا آخرين من مصر وسلطنة عمان والبحرين وفلسطين وتونس والمغرب وسوريا والعراق والسعودية والإمارات واليمن وحتى من تشيلي والبوسنة وكولومبيا والسويد، كما ان أمسية الختام وهي في 11\8 وليست في 5آب كما ذكر الخبر،لا يوجد فيها شعراء لبنانيون على الإطلاق.
لكن محرري السفير الذين لا نعرف كيف يفكرون اختصروا المهرجان بالمشاركة اللبنانية التي لم تنقطع عن جرش طيلة دوراته الخمس والعشرين الماضية، ولكن ليس من باب التبعية او الإقرار بالتفوق اللبناني في كل مناحي الحياة ولكن من باب محبة لبنان والاسماء الشعرية الكبيرة فيه، والتي تعتبر أقرب للأردنيين من كثير من الاسماء العربية المجاورة.
لن نفهم الخبر المختصر باعتباره خبرا محليا خاصا بلبنان، لأن السفير ليست جريدة محلية، كما أنها لم تذكر الشاعرين هنري زغيب وشربل داغر اللذين سيشاركان أيضا هذا العام، ولن نفهمه باعتباره نكشة صحفية قد تثمر فيما بعد عن تقرير يكتبه أحد محرري السفير، ولن نفهمه استعلاء شعريا لا يرى في كل المهرجان إلا الشعر اللبناني، ولن نفهمه تصغيرا للمهرجان الذي يتمنى كل شاعر أن يشارك فيه.
كما لا أتمنى ان يفهم أن لدي اعتراضا على دعوة لحود أو شمس الدين، فهما صديقان عزيزان، وبيينا وبينهم الكثير من الود والاحترام، وسبق أن شاركا مرارا وتكرارا في جرش ولا يتحملان مضمون الخبر او دلالاته، وسبق لغيرهما أن شاركوا في جرش ابتداء من جوزيف حرب وبوول شاؤول، عباس بيضون وشوقي بزيع، ولامع الحر، وجمانة حداد، وجودت فخر الدين، وعبده وازن، عناية جابر، وطلال حيدر وعصام العبد الله ومحمد وحسن عبدالله، بل تمت دعوة شعراء لبنانيين كانت تجاربهم في بواكيرها وبعضها ضعيفة جدا، ولن أذكر اسماء، وربما تم التقصير مع شعراء آخرين وكبار مثل العملاق سعيد عقل وأنسي الحاج، وحتى عقل العويط، وصباح زوين، وناظم السيد وغسان جواد، وغيرهم ولكن لم يسبق لأي بلد عربي أن شارك بمثل كثافة الشعراء اللبنانيين طيلة دورات المهرجان الفائتة، وحتى هذه الدورة، فهناك أكبر عدد من الشعراء اللبنانيين بعد الأردن.
لا أحمل الشعراء اللبنانيين المدعوين المسؤولية في كيفية نشر الأخبار التي تتعلق بمهرجان جرش او بالحركة الادبية في الأردن او غيرها، لكني جد مندهش لأن الكثير من القائمين على الصفحات الثقافية في الصحف اللبنانية شعراء وادباء يعرفوننا ونعرفهم، ونكتب عنهم كما نكتب عن الشعراء الأردنيين والفلسطينيين.
إننا نربأ أن ندخل في صراع شعري أو أدبي مع أي بلد كان، لكننا نؤشر للسفير ولغيرها من الصحف اللبنانية، أن عقدة التفوق تضر ولا تنفع، وأن الحركة الادبية العربية أكبر من أن تنحشر وتنحصر في إطار إقليمي ضيق، وأن الإكتفاء من الحراك الثقافي العربي بالنكهة اللبنانية لا يعني تمييز لبنان عن غيره بل قد يجرح دوره الحضاري، ويسئ له، إضافة إلى أن الدنيا تغيرت، والنظرة التقليدية للريادة يجب أن تتوسع قليلا فالعام العربي برمته صار قرية صغيرة، والأصوات الشعرية الجديدة من المغرب حتى عمان والكويت ليست محصورة في قبيلة أو دولة دون سواها.
musa.hawamdeh@gmail.com