إسرائيل ليست دولة أمن وسلام
أ.د تركي الفواز
28-10-2023 09:57 PM
تمكنت الأمم المتحدة من إقامة دولة إسرائيل منذ عقود، لكنها ما زالت لغاية يومنا هذا تعجز عن تحقيق إنشاء دولة فلسطين للفلسطينيين أصحاب الأرض، علماً بأنه قد سكن مدينة القدس المسلمين والمسيحيين واليهود، وسادت بينهم مظاهرِ التَسامحِ الديني والتعايشُ السلمي.
فالمشكلة بدأت عندما أرادت الحركة الصهيونية بالبحث عن أرض لليهود الأوروبيين الأشكناز (يهود الغرب وأوروبا)، حيث أرادوا أن يكون لهم وطن في فلسطين، وحسب ما ذكره هرتزل في يومياته فقد تم اختيار فلسطين بدلاً من الارجنتين، فلماذا فلسطين بدلاً من الارجنتين؟ فقد كانت الإجابة بأن أنشاء دولة ذات طابع حضاري غربي في فلسطين سيجعلها تقف ضد اي دولة قد تحمل نهضة حضارية في المنطقة تهدد المصالح الغربية. لذلك دعم الغرب فكرة الدولة اليهودية في فلسطين أكثر من الأرجنتين حفاظاً على مصالحه والتي سيحفظها وجود دولة إسرائيل. وفي عصرنا الحاضر أكد الرئيس الامريكي بايدن ذلك فقال: لو لم تكن هناك إسرائيل لعملنا على إقامتها، فإسرائيل قامت على كذبه حسب المؤرخ الإسرائيلي، شلومو ساند الذي صرّح بإن دولة إسرائيل قائمة على كذبة.
فإسرائيل قائمه على خلق واحداث الكثير من التوترات والصراعات في الشرق الأوسط. ومن العوامل التي تجعل إسرائيل ليست دولة أمن وسلام، سياسة الاستيطان وإقامة المستوطنات التي تقوم بها الحكومات الإسرائيلية المتطرفة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وايضاً تقييد الحركة بوجود الجدار العازل الذي يؤثر بشكل سلبي على الحياة الاقتصادية اليومية للمواطنين الفلسطينيين. ورفض إسرائيل حق اهل الأرض بإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة على ترابها الوطني الفلسطيني، وعاصمتها القدس الشريف، والسماح لهم بحق العودة الى وطنهم المسلوب منهم. إضافة الى ذلك اثارة الحروب والهجمات العسكرية البربرية غير المتوازنة على الشعب الفلسطيني وقتلها للألوف من أطفالهم وهدم بيوتهم ودور العبادة على مرأى من أهلها ومن المجتمع الدولي، فكيف سيقتنع طفلاً فلسطيناً بما شاهده من هدم للمنازل والدمار والقتل والحرمان من الدواء والغذاء بان إسرائيل دولة أمن وسلام!
أن عدم الامتثال وتجاهُل جميع القوانين الدولية الصادرة من منظمة الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الأخرى من قبل ما يسمى بإسرائيل مرارًا وتكرارًا منذ عام 1945 الى وقتنا الحاضر، هو عامل اخر يضاف الى كل ما سبق.
وفوق كل هذا، فمساندة أمريكا والغرب لإسرائيل مادياً وتسليحاً، أعطاها الضوء الأخضر لشن حرب همجية على اهل غزة، حيث بلغت المجازر الصهيونية أكثر من 7000 شهيدا، بينهم أكثر من 3000 طفلا وأكثر من 2000 سيدة، وأكثر من 18 ألفا مصاب، بالإضافة إلى أكثر 1500 مفقود، خلال 3 أسابيع فقط وفقا لأحدث بيانات من وزارة الصحة في غزة.
وفي مؤشر السلام العالمي لعام 2023 الصادر عن معهد السلام والاقتصاد العالمي في أستراليا، فقد احتلت فيه إسرائيل المرتبة 143 من ضمن 163، وصنفت من الدول ذات الأداء الضعيف حسب 23 مؤشرا كميا ونوعيا استخدم في هذا التقرير.
فيجب على حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف ان تتفاهم ان هناك شعبان وارض واحدة ، يتمثل ذلك بالتواصل الى اتفاق يقوم على وجود للدولة الفلسطينية المستقلة ،وحل مشكلة اللاجئين، مما سيحقق العدالة والأمان للجانبين. وإذا لم يتم ذلك فان اسرائيل لا تريد فلسطين شريكاً في السلام، بل تريد السيطرة على الأرض.
وختاماً، فأن منطقة الشرق الأوسط لن تنعم بالأمن والسلام الا إذا رحل الكيان الصهيوني او قامت دولة فلسطينية مستقلة، دون التفكير بتهجير جديد.