التروكيا مصطلح سياسي يشير الى اجتماع ثلاث دول على راى سياسي واحد اتجاه قضيه معينه،واشهر التروكيات الدوليه هي التروكيا الاروبيه (..بريطانيا،فرنسا وألمانيا..).

استخدم هذا المصطلح (التروكيا) لأول مره عام 1960 في الاتحاد السوفياتى سابقا ،وتعنى بالروسيه (..المجموعه الثلاثيه ..) او (..العربه الخفيفه التي تجرها ثلاثة جياد..) ،وبنفس الوقت تحمل الثقافه الروسيه للتروكيا معنى اخر توصف فيه اخر ثلاثة خيول في السباق (بالتروكيا الخاسره ) كنايه عن تشاركها في الخساره وكانها تسير جنبا الى جنب كما في حالة جر العربه.

وفى هذا السياق نجد ان العدوان الممنهج على الشعب الفلسطيني اعطى تعريفا جديدا للتروكيا لخصه وزير خارجية فرنسا الأسبق (دوفليبان عام 2003 في كلمته امام مجلس الامن ابان الحرب الامريكيه على العراق ،واقتبس مما قال (..فى صرح الأمم المتحده هذا ،نحن حراس المثاليه وحراس الضمير والشرف الكبير الذى نملكه يجب ان يقودانا الى إعطاء الاولويه في سبيل السلام،فرنسا بلد عجوز واروبا التي انا منها قاره عجوز ،نقول لكم هذا اليوم اروبا التي عرفت الحروب والاحتلال والهمجيه..).

فرنسا شارك ديغول وجاك شيراك التي يقول رئيسها الحالي (ماكرون) بعد انتهاء زيارته لدولة الاحتلال نحن لانكيل بمكالين ،مع العلم انه هو الذى اعلن يوم الرابع والعشرين من نيسان- ابريل من كل عام يوما وطنيا فرنسيا لذكرى الاباده الارمنيه ،والذى اقر برلمان بلاده عام 2001 الاعتراف الرسمي بالمذابح التي تعرض لها الأرمن ابان الحرب العالميه الأولى ، وبلاده التي ترفض حتى هذه اللحظه مجرد الاعتذار للشعب الجزائرى عما ارتكبته فرنسا بحقه من مذابح ،ومع ذلك يعتبر المذابح والاباده الجماعيه ضد الشعب الفلسطيني تندرج ضمن حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها،علما انها في حالة عدوان مستمر ضد الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 ،ربما نجد له العذر فيما يقول كون المجلس التمثيلى للمؤسسات اليهوديه في فرنسا والحاخام اليهودى الأكبر كانا من اكبر داعميه في حملته الانتخابيه والتي اعلن ماكرون خلالها ما يسمى (..بالتحالف الدولى لاحياء ذكرى الهولوكوست ..) في حين ان الاباده الجماعية ضد الشعب الفلسطيني قد تحتاج لقرن قادم حتى يتم الاعتراف بها او ادانتها او مجرد الاعتذار عنها ،كونها دخلت ضمن دائرة الربح والخساره من وجهة نظر الرئيس ماكرون كمصرفى سابق لدى بنك روتشيلد.

وألمانيا التي غيرت سياستها الدفاعيه الى شبه هجوميه من خلال تزويدها إسرائيل بمسيرتين حربيتين من طراز (هيرون دى بى ) وبذخيره للسفن ثانى أيام العدوان على غزه ،والتي رفعت دخل إسرائيل من خلال شراء الاسلحه منها الى 15 مليار دولار من خلال مايسمى ( صفقة بيع صواريخ حيتس 3 ) المصنوعه في إسرائيل ، وقد عبر وزير الدفاع الاسرائيلى غالانت عن تلك الصفقه بقوله (..صفقة تاريخيه بمقاييس استراتيجيه ..واضاف قوله..تصورا ماذا يحدث في هذا العصر المانيا تستعين بإسرائيل من اجل الدفاع عن نفسها..) لنقول ان عقدة الشعور بالذنب الالمانيه لايجوز ان تحول دون قيام الشعب الفلسطيني بالدفاع عن نفسه.
وبريطانيا التي وبتاريخ 2/11/1917 أصدرت وعدها المشوؤم باعطاء ارض لاتملكها لمن لايستحقها ،وبعد 106 أعوام يهرع رئيس وزرائها وعلى عجل لزيارة إسرائيل وإعلان وقوفه جنبها ،وسبقته قبل ذلك رئيسة الوزراء السابقه (ليزتراس) عام 2022 عن نيتها نقل سفارة بلادها من تل ابيب الى القدس المحتله .

ما أوردته انفا هو مجرد امثله من أفعال وتصرفات تجاوز عمرها المائة عام ،من دول لازالت شهيتها الاستعماريه مفتوحه ،وتجاورنا على الضفه الأخرى من المتوسط وكنا نسعى معها لبناء شراكات حقيقية من خلال اليورو- ميد ،علما ان هذه الشراكات والتي هي ارث بلفور وسايس بيكو والتروكيا الجديده تدفعنا الى تساؤل مشروع مفاده:
ماهو القاسم المشترك بين دول التروكيا الجديده ؟

الاجابه على هذا التساؤل لا يحتاج لتفكير طويل الامر الذى يدفعنا الى ايجاز بعض هذه القواسم فيما يتعلق بمنطقتنا والتي تتمثل بما يلى:

1- الصوت الانتخابى اليهودى في البلدان الثلاث المدعوم بمال روتشيلد وماكنة الاعلام الجباره والتي يسطير عليها المال اليهودى.
2- التزاوج والتداخل بين الإرث الاستعمارى والراسماليه المتوحشه التي تريد فرض نظام عالمى جديد تحاول اروربا فرضه من خلال التروكيا الجديده ،بعد ان فشل النظام العالمى الذى تبنته الحليف الأكبر(أمريكا)والذى كانت اروبا ضمنه مجرد تابع للحليف.

3- احتضان الدول الثلاث للجماعات الارهابيه ومنها داعش والتي يتم تشبيه حركة المقاومه في فلسطين بها،مع التنويه الى ان تلك الجماعات والتي هي صنيعة التروكيا الجديده ،والتي تأذت شعوبنا وبلداننا منها اكثر من اروبا.

4- صعود اليمن المتطرف في تلك البلدان والذى يعتبرونه خيار انتخابى والذى ينسجم في أفكاره وطروحاته مع حكومة اليمين المتطرف في دولة الاحتلال من حيث تهجير الأجانب في اروربا وتهجير الفلسطنيون من بلدهم .

5- اتفاق الدول الثلاث على خلق حالة الفوضى الخلاقة في بلداننا ليس لانشاء نظام عالمى جديد بل خلق شرق اوسطى جديد يخدم مصالحها بدعم منها وتنفيذ من إسرائيل ليكون بمثابة استعمار(سياسى – اقتصادى) بعد ان تقلص نفوذها في افريقيا وصعود النفوذ الروسى – الصيني في القاره الافريقية ،ولعل تجربة فرنسا في افريقيا اكبر دليل على ذلك.

6- ومن القواسم المشتركة بين دول التروكيا الجديده فيما يتعلق بالعدوان على غزه زيارات قادتها وعلى عجل الى إسرائيل واتفاقهم على حق المعتدى بالدفاع عن نفسه ووصم الضحيه بالإرهاب ،علما بانها هي تحت حماية القواعد الامريكية المنتشره في ارووبا تحت مظلة الناتو بحجة الحمايه من الاتحاد الروسي.
7- يضاف للقواسم السابقه قاسم الازدواجيه بالمعايير والانتقائيه في التطبيق ومن الامثله على ذلك وقوفهم مع أوكرانيا كضحيه ووقوفهم مع إسرائيل كمعتديه ،ومثال اخر تبرر التروكيا قصف إسرائيل للمشفى والمسجد والكنيسه في غزه دفاع عن النفس ،بينما تحرم وتجرم البلدان الثلاث مجرد المشاركه في مظاهره او رفع علم اوتغريده كما فعلت فرنسا مع اللاعبين من دول شمال افريقيا في الانديه الفرنسيه.
وختاما نقول :- كنا نعول على ارووبا باسرها وتحديدا التروكيا الثلاثيه ان تكبح جماح الة البطش والتنكيل ،وان لاتنقل فشلها في العراق وأفغانستان وليبيا وترحل مشاكلها لنا ،فلدينا ما يكفينا من المشاكل والتي انتم احد أسبابها بل والسبب الرئيس ،ونتمى ان تعود ارروبا الى رشدها كونها عاشت ويلات حربيين عالميتين ،وان تعود الى عصر التنوير الذى انبثق عنه حركة النهضه الانسانيه التي لاتفرق بين البشر بسبب عرقهم اودينهم او جنسهم ،وان تعلم بان الشعب الفلسطيني بشر يستحق الحياه على ارضه والتي عليها مايتسحق الحياه أيضا ،وبالنتيجه هو لايريد عربه تجرها ثلاث جياد كون الة الحرب المسعوره اعادته الى القرون الوسطى ليصل لدرجة نقل جرحاه والشهداء على عربه يجرها حمار ،وان كان الحمار في غزه لايحمل اسفارا فانه يحمل من هم اكرم منا جميعا.
حمى الله فلسطين وأهلها
الدكتور محمد الطراونه