facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الصندوق الأسود .. إعادة هندسة قاموس المصطلحات


د. كفاية عبدالله
27-10-2023 11:33 AM

كما أن أول درس تعلمه أبونا آدم -عليه السلام- لخلافة الأرض وعمارتها هو تسمية الكلمات "وعلم آدم الأسماء كلها" وهو متطلب أساسي لبناء الحضارات، كذلك الطفل أول ما ينشأ تقع على والديه مهمة تعليم الكلمات والنطق الصحيح للمفردات لدلالة على المضمون وإيصال الأفكار، وإن اعتاد الناس على استخدام قاموس المصطلحات كيفما يتردد في المحيط والمجتمعات، دون مراجعة أو تمحيص لمدى دقة التعريفات وتسمية الأسماء ، ولا سيما أن المصطلحات ما هي إلا أحرف تجسد واقع المجتمع وأحواله ولا نبالغ في القول إن الكلمات بذاتها هي دالة للمؤشرات التنافسية للبلاد بين الدول في العالم ، فالمجتمعات المهزومة لها قاموسها ومصطلحاتها وأمثالها الشعبية والذي يختلف في مدلولاته وتعريفاته عن المجتمعات المتفوقة والمنتصرة، وهنا قد يحدث اللبس والاختلاف عند مخاطبة الأقوياء لمجموعة الضعفاء وتضيع لغة الحوار والتفاهمات، وإن من أبجديات الاتصال أن نتفق على المفهوم وتعريف المصطلحات.

إن أولى أولوياتنا في مشروع الإصلاح والتحديث الوقوف على أرضية راسخة ومتينة واضحة لا لبس فيها والإجماع على مفهوم الأسماء وإن اختلفنا في أفكار ولكن لن نختلف في الأسماء (فاختلاف الفكر مسموح واختلاف الأسماء ممنوع)، ومن هنا تأتي الحاجة الملحة إلى إعادة هندسة قاموس المصطلحات وتحديث بيانات المصطلحات والتوصيفات، والتحلي بالوعي وعلو الإرادات لمراجعة قاموس الأسماء وإعادة تسميتها بأسمائها الحقيقية كما علم آدم الأسماء كلها فإن ولادة الأمة من جديد تحتاج منا كالطفل تعلم الأسماء من جديد، مطلب ملح ومرساة سفينة الإصلاح والتحديث في إعادة هندسة قاموس الأسماء والمصطلحات لتخلي عن المصطلحات التي لا تضيف قيمة ونبذ المصطلحات التي تثبط من عزم الإنسان أو تقف كعنق زجاجة في مشروع الإصلاح والحذر من بعض الأمثال الشعبية التي تغرس ثقافة الهزيمة وتهون عزم الناس
إعادة الهندسة نهج علمي لمراجعة العمليات والوقوف على الأخطاء أو التأخيرات والأعطال أو المثبطات أو المعيقات والعمل على إزالتها والتخلص منها لأنها هدر للطاقات والمدخرات، إعادة الهندسة فيها مراجعة لإجراءات العمل القياسية (SOP) وتتبع سير العمليات والوقوف على مواقع عنق الزجاجة وتشخيص الواقع والتعرف على أسبابه وتحديد الفجوات ووضع المؤشرات والقياسات للوصول إلى المستهدفات ، في إعادة الهندسة يتم هدم العادات السيئة وبناء للأفكار البناءة وحشد الجهود شحذ الهمم والتركيز على التحسين.

إن إعادة هندسة قاموس المصطلحات يحتاج منا إلى تصحيح المسميات دون لبس أو مجاملات دون تجميل القبيح أو تدليس الحقائق وطمس معالمها، بحيث يبقى المصطلح يعبر عن مضمونه دون تحريف أو تغيير لمجرد اختلاف الاستخدامات، فعلى سبيل المثال مقاومة المحتل هو عمل بطولي وحق مشروع لجميع الشعوب ليس إرهابا أو إجراما، والتصدي للاحتلال ليس عملا وحشيا أو بربريا؛ وإنما هي أسطورة نحدث بها الأجيال، حتى مصطلح القتل ليس محرم بذاته على الإطلاق لأن قتل المحتل المعتدي هو جهاد أو شهادة، وقتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ليس لأننا مجرد مسلمين وإنما لأننا أصحاب حق وقضية.

والتسامح عن حقوق شعب اسمه خيانة وخذلان أو سذاجة وليس حلما أو سماحة، والمستوطن الذي سلب أرضا وقطع شجر الزيتون ليس من الأبرياء الذي يتباكى عليه العالم عندما أطرد من بيتي وأقتله بعد أن اعتدى على البيت بالهدم واعتدى على أهله بالتنكيل والتهجير، كما أن قتل المجندات في الصفوف الاحتلال وأسرهم لا يسمى خطفا للضعفاء ولا سيما أنها أُسرت وبيدها بندقية تقتل بها الأطفال والشيوخ، والعيش بسلام حقا للجميع ولكن لا يعني الاستسلام أو التنازل عن الثوابت والمقدسات، وحقوق الشعوب تمنح للجميع دون تمييز لعرق أو لون ودون ازدواجية المعايير .

وبعد آن لنا تحديث المصطلحات والتخلي عن ثقافة الاستسلام والخنوع وتصحيح المصطلحات والقناعات، فلم تعد دولة الاحتلال إسرائيل القوة التي لا تقهر والتي قهرتها المقاومة الفلسطينية ومرغت أوجه قادتها في التراب، ولن تبقى مقدساتنا مستباحة لعربدة قطعان المستوطنين، ومجلس الأمن الدولي ليس حكرا للتباكي على مصالح الغرب وحده والتحيز السافر لمصالحه الضيقة، وإن كان لنا إخوة في الثغور والجبهات فإننا نشاطرهم الجهاد في معركة الوعي ومعركة الإرادات ومعركة التوصيفات والتعريفات ومهمة إعادة تحديث قاموس المصطلحات لإعادة بناء الإنسان والحضارات، معاً لتصحيح المصطلحات والأسماء والنصر للمجاهدين على الثغور لحفظ كرامة الإنسان وحماية المقدسات والأوطان.

* اختصاصي التطوير المؤسسي
(Kifaya2020@gmail.com)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :