طلب مستعجل إلى محكمة العدل الدولية
د.علي سليم الحموري
26-10-2023 10:24 PM
منع الإبادة الجماعية هو موضوع مهم وحساس في القانون الدولي وحقوق الإنسان. وفقا للتعريف الذي أعطته اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها وهي معاهدة دولية تجرم الإبادة الجماعية وتلزم الدول الأعضاء بفرض حظرها. كان أول أداة قانونية لتدوين الإبادة الجماعية كجريمة، وأول معاهدة لحقوق الإنسان اعتمدتها بالإجماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 9 ديسمبر 1948.
اتفقت الدول الموقعة على هذه الاتفاقية على منع ومكافحة هذه الجرائم، سواء في زمن السلم أو في زمن الحرب. كما اتفقت على تبني التدابير التشريعية والقضائية المناسبة لضمان تطبيق هذه الاتفاقية. وتلزم هذه الاتفاقية كل دولة متعاقدة بالتحكيم في محكمة العدل الدولية في حال نشوء نزاع بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية.
لكن رغم وجود هذه الاتفاقية، لم يتم منع حدوث جرائم إبادة جماعية في بلدان مختلفة مثل كمبوديا ورواندا والبوسنة وفلسطين. وتواجه المجتمع الدولي صعوبات في التصدي لهذه الجرائم بسبب عدة عوامل مثل عدم التزام بعض الدول بالاتفاقية، أو عدم التدخل في شؤون دول أخرى، أو عدم توافر المصادر والإرادة لاتخاذ إجراءات فورية وحاسمة.
إن منع الإبادة الجماعية يتطلب التزاما قويا وثابتا من جانب جميع دول العالم بحق كل إنسان في حياة كريمة وآمنة. كما يتطلب مراقبة وتحليلا دقيقا للظروف والأحداث التي قد تؤدي إلى حدوث هذه الجرائم، والتصدي لها بشكل فوري وحاسم. كذلك يتطلب ترويج ثقافة التسامح والحوار والسلام بين مختلف الجماعات والشعوب، ومحاربة التمييز والكراهية والعنف.
بعد هذه المقدمة والتعريف بجريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ،وانطلاقا للجهود الاردنية التي يقوم بها جلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهده سمو الامير الحسين بن عبدالله، والتي تعتبر استمرارا للدور الاردني على مر الزمان في دعم القضية الفلسطينة والتي تعتبر من اهم الأولويات الدولة الاردنية، حيث يقود جلالة الملك الجهود من بداية الازمة من خلال جولة مكوكية مع زعماء العالم والضغط على جميع الدول العظمى من اجل وقف الاعمال العدائية والعكسرية والتي يقوم جيش دولة الاحتلال، وكذلك الاعتذار عن اقامة القمة الرباعية في عمان بسبب تحيز الرئيس الامريكي الواضح ادعاءات الكاذبة التي اعلنتها دولة الاحتلال، كما ان كلمة جلالة الملك في القمة التي اقيمت في مصر والتي طلب فيها وقف جرائم الحرب وفتح المعابر لدخول المساعدات الانسانية، كما ان الجهود ما زالت مستمرة من خلال تقديم مقترح اردني عربي للجمعية العامة بعد فشل مجلس الامن فب اتخاذ اي قرار لوقف جرائم الحرب ووالسماح برفع الحصار ودخول المساعدات الطبية والغذائية للاشقاء في غزة على الفور، ويتضمن مشروع القرار العربي 4 مطالب محددة، وهي "وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة دون قيد أو شرط، والامتثال للقانون الدولي ورفض استهداف المدنيين العزل من أي طرف أو احتجازهم".
كما يدعو مشروع القرار الى إلغاء الأمر الذي أصدرته "دولة الاحتلال" للمدنيين بإخلاء شمال قطاع غزة والتوجه نحو الجنوب، وتوفير السلع والخدمات الأساسية لسكان غزة، وفتح الممرات الآمنة لدخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة بشكل مستدام.
اقترح في حالة عدم اعتمد مشروع القرار او خطوة اخرى من اجل الضغط على دولة الاحتلال كشف الانحياز للمجازر التي يقوم بها جيش دولة الاحتلال المتواصل ضد الفلسطينيين والتي تعتبر جرائم حرب بكافة اشكالها، ان يتم تحريك دعوى باسم المجموعة العربية في الامم المتحدة وحيث إن الاردن الان ترأس هذه المجموعة، والأهم من هو ان يتم تقديم طلب مستجعل للمحكمة من اجل وقف العمليات العدائية والسماح بفتح المعابر ودخول جميع المساعدات الانسانية، كون ان اجراءات المحكمة تمر بعدة مراحل وقد تستغرق اشهر او سنوات.
حيث إنه بموجب المادة (9) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، يجوز للدول أن تعرض على محكمة العدل الدولية النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تنفيذ هذه الاتفاقية أو تطبيقها. وقد أقامت غامبيا دعوى قضائية ضد ميانمار بدعوى انتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، إذ وجدت محكمة العدل الدولية أن لديها الولاية القضائية على الرغم من اعتراضات ميانمار. وإننا نحث الدول العربية والاسلامية والصديقة (عمل تحالف دولي انساني) التي لم تُبدِ أي تحفظات على المادة (9) من الاتفاقية على رفع دعوى لدى محكمة العدل الدولية ضد دولة الاحتلال منوهين إلى أن تشجيع الدول للأفعال التي ترتكبها دولة الاحتلال، بما في ذلك الترحيل القسري للمدنيين، ودعمها لذلك قد يؤدي أيضا إلى تحميلها المسؤولية القانونية.
وحيث إن جميع الافعال المرتكبة من دولة الاحتلال المعاقب عليها وهي على سبيل المثال لا الحصر لان هذه الافعال متكرره ومتسمره حتى تاريخة:
• توعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتحويل غزة إلى“ أنقاض”.
• قال الرئيس ال دولة الاحتلال ي إسحق هيرتسوغ إن“ ثمة أمة كاملة مسؤولة هناك. ليس صحيحا ما يقال عن عدم علم المدنيين أو عدم تورطهم. هذا غير صحيح على الإطلاق”
• صرح رئيس الدفاع ال دولة الاحتلال ي يوافي غالانت قائلا:“ نحن نفرض حصارا كاملا على] غزة[. لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود- كل شيء مغلق. إننا نحارب حيوانات بشرية، ونتصرف وفقا لذلك”.
• أعلن اللواء غسان عليان منسق أعمال الحكومة ال دولة الاحتلال ية في المناطق الفلسطينية أن“ … سكان غزة يحتفلون. سنتعامل كما يجب مع وحوش بشرية كهذه…، دولة الاحتلال فرضت إغلاقا كاملا على غزة، ولن يكون لديكم كهرباء ولا مياه، فقط دمار. بدكم (تريدون) جهنم؟ راح تحصلوا (ستحصلون) على جهنم”
تشكل هذه التصريحات بالإضافة إلى ما سبق تحريضا مباشرا على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية المحرمة بموجب المادة 3 (ج) من الاتفاقية، وجميع هذا الافعال تخالف الاتفاقية والواردة في المادة الثالثة من الاتفاقية والتي تنص:-
المادة الثالثة
يعاقب على الأفعال التالية:-
(أ) الإبادة الجماعية.
(ب) التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية.
(ج) التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية.
د) محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية.
(ه) الاشتراك في الإبادة الجماعية
أن الاستناد إلى هذه الاتفاقية واللجوء إلى محكمة العدل الدولية هي وسيلة لم تستغلها الدول بالرغم أنه هناك سابق قضائية سابقة لدى محكمة العدل الدولية.
لا بد من وقف هذه الجرائم الحرب المستمرة، أنها اعتداء على الإنسانية جرائم حرب مستمرة متكررة... كفى... كفى... كفى... كفى
**اكاديمي متخصص في القانون الدولي العام