الناتو في أوكرانيا وغزة منقسم
د.حسام العتوم
26-10-2023 12:49 PM
صدق أوردوغان وكذب زعماء الغرب حول قضيتي " أوكرانيا " و " غزة " ، فهو من عرض الوساطة بين روسيا الاتحادية و أوكرانيا " كييف " بسبب العملية / الحرب المستمرة منذ تاريخ 24 / شباط / 2022 ، وهم ، أي الغرب ، من اتهموا روسيا باحتلال أوكرانيا بطلانا و زورا ، ومن دون الاقتراب من تفسير الحرب الصحيح ، و التي هي ليست حربا ، و إنما عملية تحريرية ، إستباقية ، دفاعية ،اعتبرت روسيا أوكرانيا بشأنها مخترقة لاتفاقية تفكيك الأتحاد السوفيتي طوعا ، وهو الذي بني طوعا شريطة عدم الارتهان للغرب و تحديدا لحلف " الناتو " المعادي لروسيا ، و أعادت " القرم " لعرينها بعد رصدها لثورات برتقالية ملوثة بخيوط استخبارية غربية – أمريكية ، و بعد حدوث إنقلاب " كييف " الدموي عام 2014 الذي استهدف إجتثاث موسكو من الأراضي الأوكرانية و ليس طرد آخر رئيس أوكراني موالٍ لروسيا مثل فيكتور يونوكوفيج فقط، الذي كان بإمكانه طلب النجدة من روسيا وعدم زج بلاده في حرب بلا نهاية ، و دخول روسيا إلى الأراضي الأوكرانية عبر منطقة الدونباس " عام 2022 إرتكز على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي تخول الدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها ، وهو الذي حصل ، ولم يفهمه الغرب التابع لأمريكا ، وتحول إلى مكر سياسي و أمني و اقتصادي ( عقوبات ) كما هو ملاحظ -وفي حدث غزة هاشم- غزة فلسطين الذي اندلع بتاريخ 7/ 10 / 2023 تحت إسم " طوفان الأقصى " و قادت شعلته حركة حماس الفلسطينية الأسلامية الباسلة بعدما طفح الكيل بمرور زمن طويل على إحتلال فلسطين إسرائيليا منذ عامي 1948 و 1967 ، و إعاقة أمريكا لملف مسار السلام و استمرار الحروب الإسرائيلية الكارثية ضد الفلسطينيين و العرب .
وجاء خطاب رئيس تركيا رجب طيب أوردوغان قبل فترة وجيزة حول حدث غزة المأساوي والبطولي من طرف المقاومة الفلسطينية ذات الوقت مدويا عندما وصف العدوان الإسرائيلي بالوحشية ، ودعا لوقف إطلاق النار فورا ، ووصف حماس بحركة تحرر، و بأنها ليست إرهابية ، رغم أن بلاده تركيا عضو فاعل في ( الناتو ) لكنها تقيم علاقات استراتيجية ناجحة مع روسيا ، اقتصادية ، و عسكرية .
وسبق للرئيس أوردوغان أن قطع علاقات بلاده مع ( إسرائيل ) عام 2011 ، و طرد السفير الإسرائيلي بعد حادثة سفينة مرمرة التي راح ضحيتها أتراك ، و إنذار تركي لإسرائيل عام 2012 بعد عمليتها في غزة ، ومن المؤسف قوله هنا بأن زعماء الغرب الذين توافدوا على تل – أبيب خاصة ( بايدن ، و شولتز ، و سوناك ، و ماكرون ) رددوا نعت حماس بتنظيم الدولة " داعش " ، وهو الذي صدر على لسان رئيس وزراء " إسرائيل " – نتياهو ، بينما نحن نعرف ، و التاريخ المعاصر شاهد عيان ، بأن " إسرائيل " هي داعش ، وهي التي قدمت العلاج لها وسط الربيع العربي الذي اخترقته صنوف الارهاب ، وما نتنياهو إلا - أدولف هتلر - جديد ، وسوف يحاسبه الله على جرائم قتل أبرياء فلسطين وفي مقدمتهم الأطفال .
لقد خططت دول " الناتو " بقيادة أحادية القطب الأمريكي لإلحاق الأذى بالدولة الروسية العظمى – القطب الشرقي الأستراتيجي الناهض، قائد عالم متعدد الأقطاب عبر أوكرانيا ، و البحث في موضوع سيادة أوكرانيا من دون معرفة ، ومن دون أحقية أيضا ، و الهدف ديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح ، و النصر في الحرب الأوكرانية حققته روسيا بوضوح من خلال السيطرة على خمسة أقاليم أوكرانية و تحويلها إلى روسية ، أو إعادتها لتاريخها الروسي مثل ( القرم ، و لوغانسك ، ودونيتسك ( الدونباس )، و زاباروجا ، و خيرسون) ، ومن خلال تشكيل عالم متعدد الأقطاب يمثل شرق و جنوب العالم ، و لم يحقق التحالف الغربي شيئا غير الهزيمة و خسران أكثر من 200 مليار دولار على شكل أسلحة حديثة و أموال سوداء ، وفي المقابل إستهدف " الناتو " حماس في غزة و شيطنها كما روسيا ، و سار الغرب خلف الولايات المتحدة الأمريكية - على طريقة الساحر و العميان -،و دفعوا بالسلاح و المال و الاستخبار لمحاصرة المقاومة الفلسطينية ، و أفشلت أمريكا بالفيتو إقتراحا روسيا صينيا بوقف القتال في غزة لتدمير بيوت الفلسطينيين على رؤوسهم ، ولقتل المزيد من الفلسطينيين بحجم تجاوز ستة ألاف شهيد نصفهم من الأطفال ، و لازال هناك غيرهم تحت الأنقاض ، و بالمناسبة فأن حق الدفاع عن النفس مشروع للفلسطينيين و العرب الخاضعين تحت الاحتلال خاصة ، و نتفهم حق " إسرائيل " في الدفاع عن نفسها خلف حدود 1948 التي أقرتها لها الأمم المتحدة ، لكن ليس من حقها المناداة بالدفاع عن النفس داخل حدود عام 1967 و التي أقرت بها الأمم المتحدة للعرب وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 242 ، و ميثاق حماس إعترف بالدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية و لم يلغي إعترافه بفلسطين التاريخية .
لا تملك حماس و قوى المقاومة الفلسطينية قدرة تحرير فلسطين من الزاوية العسكرية ، لكنهم يملكون الإرادة و البسالة و الشجاعة ، و يواجهون مستعمرة " إسرائيل " المدججة بالسلاح التقليدي و النووي ، و المدعومة عسكريا و ماليا و لوجستيا من دول الناتو ، و " إسرائيل " تفتقد في المقابل لشجاعة الجند ، نقطة ضعفهم فوق الطاولة الرملية لأي حرب مع العرب ومن بينها في غزة، وبعد توقيع عدد من الدول العربية للسلام مع " إسرائيل " ارتاحت من مقولة حقبة جمال عبد الناصر " اجوع يا سمك " عام 1967، و حجم الجرائم الإسرائيلية في غزة يكبر كل يوم ، وتريد لحربها أن تكون بلا نهاية على غرار الأوكرانية ، ولا يوجد ما يمنع أمريكا من مساعدة " إسرائيل " على ربط أحزمتها ومغادرة المنطقة تجاهها ، و صوب منطقة " باراذبيجان " الروسية ، و إلى غير مكان ليرتاح العرب والشرق الأوسط من أذى " إسرائيل " المتكرر .
لقد إستهدفت حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ولم تسهدف قاطني " إسرائيل " من المدنيين ، حتى على مستوى الرهائن ، أطلقت سراح المدنيين وأبقت على ورقة العسكريين لتضمن أمنها وقطاع غزة المنكوب ، بينما جاء القصف الإسرائيلي عشوائي ، و هدم البيوت ، و قتل أهل فلسطين و استهدف الأطفال ، و تشويه غيرهم ، و هي جريمة حرب الأصل أن تحاسب و نتنياهو المجرم عليها ، ويتم إسقاط حكومته ، وجهد كبير يسجل لجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله في المحافل الإقليمية و الدولية من أجل فلسطين و لإيقاف الحرب في غزة فورا ، ومشفى أردني عسكري ميداني دائم في غزة ، نتمنى ظهور مصري مثله ، وفتح أبواب العرب الحدودية لمعالجة المتضررين من أهلنا في فلسطين، ولا يوجد ما يمنع من تنظيم حملة تبرعات عربية لهم، وجهود عربية أخرى ملاحظة ، وجهدا متميزا لروسيا الاتحادية والصين على المستوى الدولي، ودور سلبي مؤسف لأمريكا التي تدعي العظمة والرقم "1" .