خلال العشرين سنة الماضية أنفقت الماكينة الدعائية الغربية مليارات الدولارات حتى تُرهب الناس من كلمة "إرهاب".. وحتى تصبح هذه الكلمة "وصمة"..
وحتى تصبح هذه الكلمة تهمة جاهزة وإدانة لا تحتاج إلى محاكمة بمجرد إلصاقها بأحدهم، فردا كان أو جماعة أو حتى شعبا بأكمله ودولا بأكملها!.
كل هذه "البروبوغندا" الموجّهة ضد الإرهاب كـ "مبدأ" وكـ "فكرة" وكـ "مفهوم"، في حين أنّ التكنيك الأساسي الذي يتّبعه العدو ويعوّل عليه دائما على أرض الواقع هو "الإرهاب"، الإرهاب والترويع وبثّ الرعب والخوف والجزع في القلوب!.
الخوف هو أقوى سلاح في أيّ حرب، إذا لم يخافك عدوك فكيف ستهزمه، وكيف يمكن أن تهزم عدوا لا يخافك؟.
كلّ الحرب على "الإرهاب" ليس لأنّه سلوك همجي ووحشي ولا إنساني ويتعارض مع ما يسمّى "حقوق الإنسان".. كلّ الحرب على الإرهاب هي بهدف أن يحتكر العدو لنفسه هذا السلاح الفعّال والحاسم!.
لماذا مثلا كلّ هذا القتل والدمار الوحشي والحاقد الذي يمارسه الكيان الصهيوني في غزّة الآن مع أنّه لا يحقق أي نتائج تذكر في إضعاف البنية الفيزيقة للمقاومة؟!.
الجواب ببساطة من أجل "الإرهاب"، من أجل بثّ الرعب والخوف والهلع في قلوب الجميع، ليس فقط أهالي غزة مقاتلين وغير مقاتلين، بل كلّ الشعوب العربية وكلّ مَن يشاهد حتى لا تسوّل له نفسه أمرا فيطاله ما يطال الغزّيين! .
"طوفان الأقصى" كسر حاجز الخوف لدى الناس إزاء هذا العدو "البعبع"، ولا بدّ من ردّ فعل مفرط يتناسب مع حجم الخسارة التي مُني بها على المستوى المعنوي ومستوى الحرب النفسية، ومن أجل استعادة هالة الرعب المزيفة التي تغلّف هذا الكيان الورقي وتحميه!.
أميركا نفسها، لو تأمّلنا جيدا، سنجد أنّها تنتصر دائما بالرعب، ومن جملة ذلك اتّباعها نفس السياسة الجبانة التي يتّبعها الكيان الصهيوني حاليا: سياسة الدمار والأرض المحروقة.. مع أنّها عمليا لم تنجح يوما في تحقيق نصر أو حسم حقيقيين على الأرض!.
الأنظمة العربية التي تقف موقف المتفرّج أو المندد أو الوسيط، ولا تجرؤ على الإتيان بأي خطوة حقيقية ملموسة ضد ما يجري في غزة، لماذا تتصرف هكذا؟ ببساطة لأنّها خائفة ومرعوبة!.
وهم يموّهون هذا الرعب ويدارونه من خلال الاستقواء على شعوبهم وتخويفها وترويعها وإرهابها!
يرهبون الناس في حريتهم..
يرهبون الناس في أرزاقهم وأقواتهم ومعاشهم..
يرهبون الناس في شرفهم وسمعتهم..
يرهبون الناس في مستقبل أطفالهم..
يرهبون الناس في سلامتهم الشخصية وسلامة أهلهم وأقاربهم وأحبّائهم..
والعبرة أنّ هذا دائما ينجح، سلاح الخوف والرعب والترويع دائما ينجح!.
الله تعالى الذي خلق النفس البشرية ويعرف دواخلها ودهاليزها وتفاعلاتها قد أشار إلى سلاح الإرهاب، مرّة تصريحا:
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفَّ إليكم وأنتم لا تُظلمون" الأنفال - 60.
ومرّة تلميحا:"يا أيّها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفّار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أنّ الله مع المتقين" التوبة - 123.
والرسول صل الله عليه وسلم قال: "نُصرتُ بالرعب مسيرة شهر".
مرّة أخرى، الخوف هو أقوى سلاح في أيّ حرب، إذا لم يخافك عدوك فكيف ستهزمه، وكيف يمكن أن تهزم عدوا لا يخافك؟
هذا رسالة لكل "المتمدنين" و"المتحضرين" و"الحقوق-إنسانيين" الذين يخشون على صورة العرب والمسلمين في الغرب، ويشعرون بالرهبة من أن يتم اتهامهم بـ "الإرهاب" من قبل عدوّ يمارس الإرهاب المُمنهج ويحتكره لنفسه ليل نهار!.
حتى دعاة السلم الكاذب، السلم الحقيقي يقوم على "توازن الرعب"، خصم يقيم وزنا لخصم، طرفان يحسب كلّ منهما حسابا للطرف الآخر. وما دون ذلك لا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي، بل تابع ومتبوع، وخانع ومسيطر، وخائف ومتغطرس!.