احتفالاتٌ مفتوحة بالإبادةِ الجماعيةِ
د. ربا زيدان
26-10-2023 08:51 AM
هذا بالضبطِ ما نراهُ على شاشاتنا الصغيرةِ والكبيرةِ كلُ دقيقةٍ يبثهُ الإعلامُ الغربيُ والعربيُ المتصهينَ منذُ اندلاعِ الهجومِ البربريِ المتوحشِ تقودهُ " إسرائيلُ " على أهالي غزةَ فقطْ لأنهمْ أحياءٌ ويتنفسونَ. حالةٌ غيرُ مسبوقةٍ منْ السعارِ الإعلاميِ لشيطنة الفلسطينيينَ والفتْ منْ عزيمةِ المقاومةِ يتجلى عبرَ إغراقنا بمقاطعَ مكررةٍ تستخدمها الأداةُ الصهيونيةُ - المستعربةَ أحيانا، لبثِ عنصريتها المقيتةِ جهارا نهارا ، بينما يسكتُ إعلامنا الشرقُ أوسطيٌ جميعُ الأصواتِ التي تذكرُ أنَ مأساتنا . . . ملهاتهمْ، لمْ تبدأْ في السابعِ منْ أكتوبرَ بلْ منذُ أكثرَ منْ 70 عاما ونيفٌ . صحيح أنَ التحشيدَ الإعلاميَ كانَ منذُ الأزلِ أداةً حربيةً طوعتها الديكتاتورياتُ المختلفةُ لتحقيقِ مآربها العسكريةِ والسياسيةِ على الأرضِ إلا أنَ ما يحدثُ اليومَ منْ تزييفٍ مستمرٍ للحقائقِ ومنْ كسرٍ لعنقِ الحقيقةِ مثيرٌ للغثيانِ.
"كنتمْ تكذبونَ علينا طيلةِ الوقتِ “! " لا أخلاق في التغطيات الإخبارية ".... أسمعها يومياً في أروقةِ كليةِ الإعلامِ حيثُ أحاضر وأصمتُ.
كيفَ يمكنُني تبريرَ كلِ هذا الاحتفاءِ بالقتلِ لطلبتي ؟ وما هيَ النظرياتُ الأخلاقيةُ التي أستطيعُ إسقاطها على كلِ هذا السقوطِ الإعلاميِ المهينِ ! ؟ نسفت هذهِ الحربِ الأخيرةِ مفاهيميٍ السابقةِ عنْ النّسبيةِ والموضوعية " والتغطيةِ " المتوازنةِ " لما يحدثُ في العالمِ.
لا أحدَ يجبُ أنْ يقفَ على الحيادِ! على الأقلّ ليس نحن... ليس الآن !..
لا حياد في الإعلام، لطالما رددّت ذلك قبل أن أرى بعينيّ مرة أخرى - كما يرى الملايين غيري- كلّ هذا النكران للرواية الأصلية والتنّكر لنصرة العدل، المُبين الساطع سطوع الشمس.
كيف الحياد في التعاملِ معَ آلةِ حربِ وآلةِ إعلامِ ترددٍ عبرَ ببغاواتها - ليلُ نهارٍ - عبارات إدانةٌ للضحيةِ على ألسنةٍ الجلادينَ وتطالبُ العالمَ العربيَ بفعلِ ذاكَ، بلْ أنَ بعضَ الأنظمةِ التي تحسبُ علينا في الإقليمِ واللغةِ والثقافةِ والدينِ والتي تدعمُ الصهيونيةُ فكرا وفلسفة تعدتْ الإدانةُ للمعتدى عليهِ لتصل مراحلَ أخطرَ منْ خداعِ النفسِ والتضليلِ الإعلاميِ عبرَ تكريسِ روايةِ المحتلِ وإضفاءِ صفاتِ المُخلّصِ عليهِ..
احتفالاتٌ مفتوحةٌ وتغطياتٌ تهللُ لسفكِ الدماءِ .. دماؤنا .. بينما يُطبطبْ الإعلامِ بيدٍ منْ حريرٍ على ظهورِ القتلةِ ومجرمي العصرِ الحديثِ الذينَ لا يقيمونَ وزناً لكلِ المعاهداتِ المُبرمةِ معَ زبانيتها ولا لكلِ هذا الشّجبِ " و " التنديدِ ".
إنَ إسرائيلَ تحكمَ العالمِ .. ولا عزاءً للمناضلينَ منْ أجلِ الحرّية...