رغم ما تقوم به حفنة قليلة من تجرؤ على الملك ، عبر وسائل عديدة ، الا ان الملك يخرج البارحة ليقول ان ما يفعله البعض لن يؤثر على خط الانفتاح السياسي.
يضيف الملك انه في تاريخ الاردن لم تسل نقطة دم سياسية واحدة ، ولم يختف واحد عن الارض ، بل ان ذات الملك يأمر مدير الامن العام ليؤمن المعارض ليث شبيلات بالحراسات ، حتى لا يعتدي عليه مجهول ، فيتم تجيير الاعتداء ضد المؤسسة الرسمية،.
في ما قاله الملك اشارات الى "المزايدات" والى ما تقوم به فئة قليلة ، والى الفتنة ، والى بث السموم ، والى غير ذلك من اشارات قالها الملك بثقة نفس عالية ، عنوانها ثقته بالاردن والاردنيين ، وان هذا هو بلدهم ، الذي لن يسمحوا بجره الى الهاوية ، والتهلكة.
لا تشمل هذه الاشارات كل من له مظلمة فردية او جماعية ، وكل من يطرح مطالب عادلة لشعبه ، وهي مخصوصة بأولئك الذين يريدون تسخير كل هذه الحراكات لمصالحهم ، واخذ البلد باتجاه ما يريده نفر محدود له حساباته.
التجرؤ على الملك ليس دليل شجاعة ، ولا فروسية ، ولا يرفع شعبية من يتجرأ عليه ، لان الهاشمية كحالة سياسية مارست التسامح تاريخياً كجزء من عقيدتها السياسية ، وليس خوفاً من احد ، والذي يتجرأ على الملك ، يعرف في قرارة نفسه انه ليس بطلا ، بقدر ان من يقابله متسامح وصبور،.
التجرؤ ايضاً فرصة كبيرة لنعرف الفرق بين ارتفاع القامات ، قامة الذي يتجرأ وقامة المتجرئ عليه ، والفرق واضح كالشمس ، والا ما صبر الملك على نفر لا يتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة.
كلنا يعرف ، القريب والبعيد ، الراضي والساخط ، اليميني واليساري ، ومن كل اتجاه ان هذا البلد سر استقراره الاساس هو في شعبه و"هاشمية" النظام ، وان وريث الهاشمية ، فوضى وخراب واقتتال ، وحلول اقليمية ، ستحول البلد الى ملعب ، وستقسم البلد الى دويلات.
وريث "الهاشمية" ، حروب صغيرة وكبيرة ، ودول مجاورة سيأتي توقيت اطلالتها علينا ، وتقسيم البلد كذبيحة العيد ، وانزال كل صنوف البلاء والحلول السياسية علينا ، فأي حد للتجرؤ يجب ان يكون؟.
نقول هذا الكلام حتى نعيد ترتيب اوراقنا بشكل جيد ، والرؤوس الفارغة ، التي تعتقد ان كل شيء قابل للنقاش ، عليها ان تصحو من خدرانها قليلا ، لان لا اردني واحدا يرضى بتحويل البلد الى منصة للاعبي الجوار.
ويقال هذا الكلام لتأكيد حقيقة تقول ان الهاشمية لاتركن الى هذا السر فتسكت على كل شيء ، لانها تعرف ما بعدها ، بل تركن الى شعبها والى اصوات الاصلاح النابعة من ارادة نقية ونظيفة ووطنية ، ومن صدق صدور ابناء شعبنا الذين بحاجة لمن يستمع لهم.
نقدنا للحكومات لا تراجع عنه ، واداء الحكومات هو المشكلة ، ومعها اداء المؤسسات والمجالس النيابية ، التي تسببت بكلف مرتفعة للغاية على مؤسسة القصر الملكي ، والمراجعات يجب ان تبقى عميقة وتؤدي لمحاربة الفساد والعدالة الاجتماعية ، ورفع مستوى الاقتصاد.
بهذا المعنى ، علينا ان نأخذ استراحة قليلا ، فقد تم الاستماع الى كل المطالب ، وان تتوقف المسيرات قليلا ، حتى لا نجد انفسنا امام اردن الخمسينات ، وان نمنح الدولة الوقت الكافي لمراجعة كل شيء ، لان المسيرات ليست هواية كالرياضة ، وانما وسيلة لايصال الافكار.
كلام الملك امام السلطات الثلاث فيه اشارات كثيرة ، ينبغي التقاطها ، وكل ما نريده اليوم ، هو الاصلاح بسرعة ، وعدم المقامرة بالبلد ، وان يتفهم الجميع خطورة التوقيت ، وان تنتهي لعبة الاستغماية بين جميع الاطراف.
التجرؤ على الملك ، ليس دليل شجاعة ، خصوصاً ، حين يكون التجرؤ على حاكم يتسم بالحلم والتسامح ، وهكذا جرأة تعكس اولا ادعاء المذعور بالشجاعة ، في زمن عزت فيه الشجاعة الاصيلة ، لصالح اللطامين والندابين.
ما زال لدينا الكثير لنخاف عليه ، وما زال لدينا الكثير لاصلاحه.. والفاصل بينهما حاجتنا لوقفة استراحة!.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)