نشجع منتخباتهم وأنديتهم ويطعنوننا، نتغنى بهم ويقصفوننا، نرسم أعلامهم على أجسادنا ويغدرون بنا، نتعارك من أجلهم في بيوتنا ومقاهينا وشوارعنا ويضحكون علينا، نمجد لاعبيهم وأساطيرهم ويدعمون عدونا.. هذا هو واقعنا المر الذي ربما اكتشفناه متأخرين.. فطوبى للمقاومين في فلسطين الذين ساعدونا على اكتشاف هذا الخلل الكبير في حياتنا، حتى لو جاء متأخرا.
نتحدث عن المنتخبات الأوروبية لكرة القدم التي بتنا نعشقها وكأنها منتخباتنا الوطنية، فيما حكومات هذه البلدان تتآمر علينا وعلى حقوقنا، بل إن الشيء الوحيد الذي يوحد صف هؤلاء الأوروبيين هو مناصرة الكيان الصهيوني ومحاربة الحقوق العربية والفلسطينية.
في مقهى بإحدى مدننا الأردنية، نشب عراك بين شباب كانوا يتابعون مباراة في بطولة أمم أوروبا لكرة القدم؛ حيث جاء هذا العراك على خلفية تسجيل هدف، لترتفع المناكفات التي تحولت إلى مواجهات بسبب اختلاف الطرفين في تشجيع المنتخبات الأوروبية، إذ كان الشباب يتبنون منتخبهم الأوروبي المفضل وكأنه منتخب بلدهم، لينشب العراك الذي توسع وأصبح على مستوى العائلات، في مشهد مضحك مبكٍ يشير إلى الغفلة التي نعيشها والتي كان من الصعب الاستيقاظ منها إلا بما تفعله المقاومة التي فضحت الحكومات الصليبية.
في الأردن والدول العربية، هناك مشجعون يعشقون منتخبات أوروبية لدرجة الجنون، بحيث يتأثرون بنجومهم ويقلدونهم، بل يتعدى الأمر إلى الوشم على الجسم لهذا المنتخب أو ذاك، ويتصارعون من أجل الفوز بقميص أصلي لذلك المنتخب.
للمتعصبين جدا جدا للمنتخبات الأوربية أقول، إليكم البيان الآتي الصادر أمس عن زعماء الدول الأوروبية وأميركا فيما يطلق عليها مجموعة "5+1"؛ حيث يقول البيان الختامي لهذا الاجتماع: "الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا تؤكد دعمها لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها".
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل وصل إلى درجة أن يقف لاعبو الدوريات الأوروبية في بعض البلدان، دقيقة صمت حدادا على أرواح الصهاينة.. فماذا أنتم فاعلون؟
لا أدعو إلى مقاطعة المباريات الأوروبية، ولا أنادي بعدم تشجيع المنتخب المفضل، فالعاشق للكرة لا مفر له من الاستمتاع بجمال الكرة الأوروبية ونجومها، ولكن كل ما أتمناه ألا نبالغ في حب "الأصدقاء الأعداء"، وألا نرفع أعلامهم وقمصان منتخباتهم في بلادنا الشاهدة على مجازرهم وتاريخهم الاستعماري، فتكالبهم على غزة كفيل بتحديد طبيعة موقفنا منهم... أليس بيان مجموعة "5+1"، ودقيقة الصمت على أرواح الصهاينة مدعاة لتقنين حب منتخباتهم؟
الغد