"شعره كيرلي وأبيضاني وحلو "، هكذا تصف الأم الفلسطينية فلذة كبدها "يوسف" لطواقم الإسعاف قبل أن تكتشف أنه لحق بأكثر من 1500 طفلاً قضوا شهداء في الحرب على غزة.. إنه ليس مشهد تراجيدياً، بل مشهداً حقيقياً لما يتعرض له أبناء القطاع، بعد أيام على مجزرة المستشفى المعمداني الذي قضى فيه أطفال كانوا يقضون ساعات من اللعب ضمن أنشطة للمستشفى للتخفيف عنهم آلامهم التي رأوها بأم أعينهم.
لا كلمات يمكن أن تصف بشاعة الجرائم المرتكبة. الواقع مؤلم ومرير والقصف لم يعد يهاجم إلا الأطفال والنساء. خروقات واضحة للقانون الدولي الإنساني. والمجتمع الدولي يغض النظر عن جرائم ستبقى وصمة عار في جبين الإنسانية. المشاهد القادمة من غزة عبر المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام - على اختلافها مؤلمة - ولا يمكن لعاقل أن يتقبلها. الأشلاء في كل مكان والأطفال ملقون على الأرض هم وأمهاتهم. جثث هامدة في مشهد تقشعر له الأبدان.
القانون الدولي الإنساني غائب. والحديث فقط عن منطق القوة. والعالم يصم آذانه عن صرخات الفلسطينيين والعرب التي تتعالى مطالبة بإيقاف هذه المجازر المروعة والمشاهد الدموية. القصف يشتد والقادم – إن لم يتوقف شلال الدم فوراً – كارثي على المنطقة والعالم.
مجزرة المستشفى المعمداني والقصف على محيط المخابز والمستشفيات ليست إلا عدداً بسيطاً من مئات، بل آلاف المجازر التي ارتكبت بحق أبناء قطاع غزة. الهدف المعلن فيها الإبادة الجماعية للفلسطينيين. يعلنها المتطرفون على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بقولهم "فجِّر وتقدم".
في الأثناء. يعلو صوت الأردن مطالباً بحلول، وكذلك مصر منعاً من الانجرار إلى حرب. وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أعلنها صراحة برفض التهجير الذي أكد أن أي خطوة في هذا الاتجاه تعني حرب، وقبله جلالة الملك عبدالله الثاني. وكذلك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قرنها بالحرب أيضاً، ودول المنطقة كافة بتنظيم مبادرات من أجل التخفيف لما يعانيه الفلسطينيون في القطاع المنكوب. لا يجوز أن يبقى الحال على ما هو ولا بد من حلول. وإلا ستكون المنطقة شلال دم يراق.
أين هي حقوق الإنسان. وأين هو الحديث المستمر من الدول راعية الحضارة الإنسانية عن حق الإنسان في الحياة وحماية المدنيين في النزاعات المسلحة، وضرورة تطبيق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي العام. أين هي الجزاءات المقررة للدول التي تنتهك هذه الحقوق. أين هو القانون برمته، أم ما زلنا نعيش عصور الظلام الدامس التي تتفوق فيها القوة على الحقوق؟.
هذه ليست أسئلة. بل إجابات ربما تكون معروفة في ظل ما يعانيه أبناء القطاع. إجابات ربما تكون معروفة لدى دول الغرب والعالم أجمع. وهو أن كل شيء غائب. كل الأصوات مخنوقة. معظم أطفال غزة شهداء. معظم أمهات غزة مكلومات تماماً مثل أم يوسف.. "أبو شعر كيرلي.. الأبيضاني.. الحلو"..