الوطن البديل .. حقيقة الأطماع الصهيونية
احمد عبدالفتاح ابو هزيم
23-10-2023 12:11 PM
لم يعد الحديث عن المشروع الصهيوني الذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر تفريغ فلسطين التاريخية من أهلها الأصليين ، ونقلهم إلى الأردن على إعتبار أن الأردن هي فلسطين وهم و إثارة للفتنة، ولم يعد كل من يُحذر من الأطماع الصهيونية في التوسع والهيمنة والغطرسة ويرفض التطبيع بجميع أشكالة مع هذا الكيان الغاصب في عِداد المعارضين لتوجهات الدولة وخياراتها الإستراتيجية ، ولم يعد الرفض الشعبي لمعاهدة وأدي عربة وما نتج عنها من توافقات مع عدو ما زال يحتل أراضي عربية من باب المناكفة والتشويش والتخوين، فقد كشفت عملية طوفان الأقصى نوايا الكيان الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الإستعمارية زيف رغبته بالسلام وإنهاء الإحتلال، وترجمت بشكل فاضح حقيقة الأطماع التوسعية للمشروع الصهيوني القائم على ابتلاع كامل فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر في المرحلة الأولى من قيام الدولة اليهودية "إسرائيل الكبرى"، وأعلن ساستها بكل بوضوح رغبتهم بتهجير ما تبقى من أهل فلسطين إلى دول الجوار ، ضاربين بعرض الحائط كل الإتفاقيات والمواثيق الموقعة تحت ما يسمى " معاهدات السلام ".
الأردن وطن بديل للفلسطينيين بدلاً من فلسطين لم يكن فزاعة بيد المعارضين لإتفاقية وأدي عربة والمشككين بنوايا الكيان الصهيوني بالسلام ، ولم تكن "بروباغندا" لتخويف الأردنيين والفلسطينيين من المستقبل والمصير المشترك، بل هو توجه حقيقي لدى الكيان يرمي إلى طمس الهوية الأردنية والهوية الفلسطينية، ووأد لفكرة حل الدولتين التي ينادي بها المجتمع الدولي!، وتصفية للقضية من خلال حرب الإبادة والتهجير التي تشنها قوات الإحتلال يومياً على كل شبر من أراضي الضفة والقطاع تمهيداً لتهويدها كما فعلت في فلسطين 48 والجولان .
قد تكون النوايا الصهيونية الخبيثة انطلت على بعض الأبواق الإعلامية وأشباه السياسيين حيث إنخرطوا جماعات وأفراد في جدلية شكل العلاقة بين المكونين الشقيقين، بعلم أو بدون علم، تارة تحت عنوان الهوية الجامعة وتارة أخرى تحت مسمى المواطنة وتارة تحت بند الحقوق والواجبات، وما هنالك من شعارات وعناوين جميعها تكرس الشحناء والبغضاء لتحمل في طياتها تحول سلبي على مجرى العلاقة بين الشعبين التوأم، متناسين أن هناك عدو مدعوم من قوى عالمية يتحين الفرصة المناسبة للإجهاز على مشروعهما الوطني كل على أرضه وتحت سمائه .
كان من أهم أهداف الخيار الأردني بالتوقيع على إتفاقية وأدي عربة مع الكيان الصهيوني كما قال رئيس الوفد الأردني المفاوض دفن فكرة الوطن البديل، وحصر الكيان الصهيوني داخل فلسطين من خلال الإعتراف المتبادل بحق كل منهما بالوجود كدولة على ظهر هذا الكوكب، وربما قد غاب عن ذهن المفاوض الأردني أن هذا الكيان له أهداف وغايات وأطماع إستراتيجية أبعد من ذلك، تختلف بشكل كلي عن المعلن يريد تحقيقها ضمن أطر زمنية محددة بغض النظر عن الكلف على الغير حيث يعتبر نفسه فوق كل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، له الحق في عمل كل ما يلزم لإنجاز مشروعه التوسعي، هكذا قُدر له من قبل من قام على فكرة تأسيسه وزرعه كخلية سرطانية في وسط العالم العربي والإسلامي، وتم رسم دور وظيفي له قائم على معتقدات دينية مغلفة بأطر سياسية لتسهيل دعمه وإسناده بكل سلاسة تبعاً لمخططاتهم التي يتلاعبون بها كيفما شاءوا ومتى أرادوا .
معاهدات السلام والإتفاقيات البينية والمشاريع المشتركة بين الكيان الصهيوني وعدد من الدول العربية في نظر الكيان مرحلة مهمة لشراء الوقت، وجسر عبور لإختراق الوعي العربي المناهض بالأصل لوجوده اِبتداءً، ويهدف من خلالها أيضاً خلق أزمة ثقة حول شرعية هذه المعاهدات والإتفاقيات ما بين الجانب الشعبي الرافض لها بأغلبه والجانب الرسمي الملتزم بتنفيذ كل ما ورد بها، وأيضاً تكريس هذه المعاهدات كبؤر ساخنة للخلاف السياسي بين الدول العربية تتعمق بشكل أفقي وعامودي في كل الأوقات .
وسط إنشغال الدول العربية في جدلية إستقلال قرارهم المنفرد في عقد المعاهدات ، وشكل وطبيعة العلاقة مع الكيان الغاصب ، يمارس هذا الكيان اللقيط جميع أشكال الغطرسة والقتل تجاه الشعب الفلسطيني ، ويقوم بتكثيف الإستيطان والتهويد لكامل الأراضي الفلسطينية وسط سمع ونظر الجميع .
اليوم وضحت الصورة وكُشف المستور ، وأعلن الكيان الصهيوني بدعم أمريكي غربي عن أن تصفية القضية الفلسطينية يمر عبر تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر وبالتأكيد لأحقاً سيعمم القرار على الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الأردن ، وما سعيه نحو معاهدات السلام مع الدول العربية بشكل منفرد سوى مشاغلة سياسية المقصود منها التسكين و التهدئة والتبريد للجبهات قبل بدء المرحلة الثانية من المشروع الصهيوني القاضي بإقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات .
الجانب الرسمي الأردني كانت له غضبة مبررة ، وصلت حد إعلان الحرب فيما لو قرر الكيان الصهيوني تهجير الفلسطينيين الموجودين في الضفة الغربية إلى الأردن ، قرار بحجم الحدث يستحق إسناده بموقف شعبي وازن .
الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة يرفض و يقاوم بكافة الوسائل المتاحة أي عمليات تهجير جديدة رغم القتل اليومي والفصل العنصر .
وسيبقى الأردن قيادة وحكومة وشعب في طليعة المدافعين عن حق الشعب الفلسطيني وقضاياهم العادلة .
حمى الله الأردن واحة أمن واستقرار، وعلى أرضه ما يستحق الحياة.
* أحمد عبدالفتاح الكايد أبو هزيم
كاتب أردني /ناشط إجتماعي وسياسي