بعد حرب غزة .. حل القضية الفلسطينية اقترب
م. وائل سامي السماعين
22-10-2023 07:35 PM
بعد زيارته لمصر ضمن جولة شرق أوسطية، وصف بلينكن وزير الخارجية الامريكية ان حل القضية الفلسطينية لن يكون وفق منهج حماس، والمقصود هنا هو تدمير دولة إسرائيل، وقتل الشعب اليهودي وذلك حسب ميثاقها الذي أصدرته في عام 1988 ، ومن ثم اجرت بعض التعديل عليه في عام 2017 ليكون مقبول من الناحية السياسية ، حيث ذكرت تحت عنوان - الموقف من الاحتلال والتسوية السياسية- بانه لا اعتراف بشرعية الكيان ولا تنازل عن أي جزء من فلسطين ، وترفض حماس أي بديل عن تحرير فلسطين كاملا من نهرها الى بحرها.
ومع ذلك -وبما لا يعني إطلاقاً الاعتراف بالكيان الصهيوني، ولا التنازل عن أيٍّ من الحقوق الفلسطينية – فإن حماس تعتبر أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة.
اذن منهج حماس ترفضه الولايات المتحدة وبكل قوتها ، ولهذا لا يوجد لها تأييد في الغرب بالرغم من عدالة القضية الفلسطينية، واما الرؤية الثانية التي ذكرها بلينكن لحل الصراع هو الشرعية الدولية، وهو الحل الذي يتيح للشعب الفلسطيني إقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام جنبا الى جنب إسرائيل ، ولكن من عطل تطبيق الشرعية الدولية حتى يومنا هذا ؟.
الجناح المتطرف في إسرائيل الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو، ارتأت في وجود حماس تعطيل او تصفية للقضية الفلسطينية، فحماس هي حركة المقاومة الإسلامية التابعة لحركة الاخوان المسلمين، وهذه الحركة مطاردة من قبل معظم دول الخليج ومصر وتونس ويقوم الاردن باحتوائها ضمن نهج الدولة الأردنية، ولكن حماس تركت لتتلقى التمويل والعتاد من حزب الله وإيران حتى أصبحت قوية، ثم انقلبت على السلطة الفلسطينية في عام 2007، واستولت على قطاع غزة بالكامل، وازدادت قوتها مع الأيام، وهذا ما كان يسعد اليمين المتطرف الإسرائيلي حتى السابع من أكتوبر عام 2023 .
وفي اثناء ازدياد قوة حماس، كانت إسرائيل تضعف السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وتتوسع في الاستيطان، وزادت انتهاكات حقوق الانسان التي تمثلت في قتل المدنيين الأبرياء من الفلسطينيين ، وزج الالاف في السجون ، ولم يحرك المجتمع الدولي ساكنا لوقف الانتهاكات الإسرائيلية . وعبر هذه السنين بقي الجميع ينادي بحل الدولتين وتطبيق الشرعية الدولية، التي أصبحت غير ممكنة في ظل وجود قوة مثل حماس تعسكر في المعسكر الإيراني، وأخرى معتدلة ولكن لا حول ولا قوة لها.
وأصبحت القضية الفلسطينية مرهونة لحل الصراع الأمريكي الإيراني تارة، والشرعية الدولية تارة أخرى التي تتحكم فيها الولايات المتحدة، والشعب الفلسطيني يتلقى الضربات واحدة تلو الأخرى، دون تحريك ساكن من أحد.
الشعب الفلسطيني والإسرائيلي من المدنيين العزل ، يدفعون ثمن تخلي إسرائيل والولايات المتحدة والعرب عن السلطة الفلسطينية واضعاف قدراتها وعدم دعمها، لان النتيجة واضحة للعيان ، الالاف القتلى من المدنيين الأبرياء من طرفي الصراع طيلة هذه السنيين .
بعد ان تنتهي أجهزة الاستخبارات العسكرية العالمية الحليفة لإسرائيل، من مسح قطاع غزة بالمتر المربع ، لمعرفة كل التفاصيل التي تحقق اقل الخسائر ، من المتوقع ان يبدأ الاجتياح الإسرائيلي البري على قطاع غزة الذي تسانده الأقمار الاصطناعية ، في غضون الأيام او الأسابيع القليلة القادمة ، ولكنها ستكون حرب طويلة الأمد بالإضافة الى الدمار والقتل ، فالنتيجة هو حصار مدينة غزة ، وفي اعتقادي ان إسرائيل لن تتمكن من محو حماس كما يقولون ،وقد يتمكن الجيش الإسرائيلي من اضعاف قدراتها حتى لا تتمكن من اطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل ، ولكنها ستبقى في الضمير والوجدان الفلسطيني ، لانهم يعتبرونها حركة تحرير ، وهو الامل الوحيد في ظل التعنت الدولي في اعطائهم حق تقرير مصيرهم .
بعد الحرب البرية على قطاع غزة، قد يكون هناك بارقة امل لبداية حل للقضية الفلسطينية، لان إسرائيل ستدرك ان الحل الوحيد للصراع هو الشرعية الدولية، والتعامل مع السلطة الفلسطينية كشريك للسلام، وخصوصا في حال عودة مباحثات السلام بين إسرائيل والسعودية سيكون هناك قوة داعمة للقضية الفلسطينية.
ولفك الحصار على غزة، لابد من تجهيز الخطة العربية من الان، وهي تسليم السلطة الفلسطينية قطاع غزة، بمساندة جيوش دولية او عربية، ووضع الخطط لإعادة الاعمار من قبل المجتمع الدولي كخطوة أولى لانطلاق عملية السلام الحقيقية. واعتقد ان حماس إذا ما تم احتضانها من الجامعة العربية وخصوصا السعودية، قد تغير نهجها، وتتحول الى حزب سياسي يشارك السلطة الفلسطينية في العملية السلمية، وتصبح شريكا لبناء الوطن الفلسطيني.
ومن المتوقع أيضا ان يكون للدور السعودي نشاط غير عادي بعد انتهاء الحرب البرية على غزة ، حيث ان الهدف سيكون احلال السلام العادل ، لان المنطقة لا تتحمل الحروب ، فهناك استثمارات سعودية في قطاع السياحة حوالي 500 تريليون دولار ، وهذا القطاع سيتأثر من كل هذه الصراعات في الإقليم ، بالإضافة الى خسائر الدول الأخرى في قطاع السياحة والتجارة وغيرها مثل الأردن ومصر وتونس ولبنان ...وغيرها من الدول الشرق الأوسطية . فحل الصراع الشرق اوسطي هو مصلحة لكل دول الإقليم. فعندما تلتقي المصالح، ستختفي الصراعات .
*waelsamain@gmail.com