الإعلام حاليا يحاول أن يصرف الأنظار عن القضية الأساسية: الإجرام الصهيوني وحرب إبادته على غزّة، وجعل الجرائم اليومية والقتل والدمار مسألة جانبية و"روتينية" و"عادية" و"تحصيل حاصل" على هامش النقاش!
وبالتوازي يعمل الإعلام على إشغال الناس بمسائل ثانوية أو إجرائية أو لوجستية..
أو إشغالهم بأخبار مساعٍ وتحرّكات وتصريحات سياسية ودبلوماسية وأممية لا تقدّم ولا تؤخّر ولا تُسمن ولا تُغني من جوع..
أو خلق معارك جانبية مثل ثيمة "إيران" و"الخطر الشيعي" التي عاد الإعلام الغربي ينفخ فيها يعاونه في ذلك وكلائه وعملائه وقطاريزه المحليين!
هدف هذا "الحَرْف الإعلامي" هو إتاحة المجال للكيان الصهيوني الاستمرار والتمادي في جرائمه وإبادته بكونه يعلم أنّها حرب صعبة وستطول، ولا يمكن التفكير ابتداء بالمضي فيها قُدُما، والانتقال إلى "الاجتياح البرّي"، دون اتّباع سياسة "الأرض المحروقة" أولا، وضمان أنّ هذه الأرض قد حُرقت بالفعل.
بالنسبة لثيمة "البعبع الإيراني" فهي تهدف إلى تخويف وإرهاب وإخراس الداخل الإسرائيلي للتغطية على الإخفاقات المستمرة، وعجز الحكومة والماكينة العسكرية عن تحقيق أي إنجازات، أو الإتيان بأي خروقات تُضعف المقاومة التي ما تزال تبادر وتقصف وتشتبك وتفرض هي قواعد وشروط الاشتباك على الأرض!
بالنسبة لـ "حلفاء" و"أصدقاء" الكيان الصهيوني الإقليميين، فإنّ اللعب على ثيمة "إيران" يهدف للتغطية على تخاذل وتهاون وتقاعس هذه الدول في نصرة غزة، وتواطؤهم مع الترتيبات والتسويات النهائية التي تُضمر للقضية الفلسطينية والمنطقة، وفشل جهود هذه الدول ومساعيها و"جهادها" الدبلوماسي الذي عرّاها، وكشف أنّ وزنها عند حليفها الأمريكي وصديقها الصهيوني لا يساوي جناح بعوضة!
كل ذلك بموازاة التكنيك الإعلامي الثابت المتّبع منذ اليوم الأول:
التعتيم على إنجازات المقاومة وأفعالها و"إنجازاتها" اليومية، وعدم التركيز عليها، وعدم الإتيان على ذكرها إلا في الحدود الدنيا..
وعدم الإتيان على ذكر خسائر العدو ومظاهر إنكساره وتشرذمه وتردّي روحه المعنوية وضعف جبهته الداخلية..
والمبالغة في نشر وتكرار صور الدمار والقتل والجثث ودموع ونحيب وعويل ذوي الشهداء من أجل إضعاف الروح المعنوية للفلسطينين والشعوب العربية، واستخدام هذا ورقة للضغط باتجاه المطالبة بفتح الحدود والتهجير باعتبار ذلك السبيل الوحيد لوقف المعاناة والكارثة الإنسانية!