قدر الأردن تاريخيا وجغرافيا ان يكون في عين العاصفه ،وان يكون وحدويا وعروبيا،وان يكون وبإمتياز وطن المهاجرين والانصار، كونه ومنذ عام 1878 وهو يستقبل الهجره تلو الأخرى وحتى كتابة هذه السطور ،ومع ذلك وعلى ضوء الإمكانيات المتاحه تجاوز كل الصعاب والتحديات الناجمه عن ذلك بدون منه وبكفاءه واقتدار .
وعلى الرغم من التوطئه السابقة نقول ان تحديات الراهن هي الأصعب اذا لا قدر الله ترك الأردن وحيدا في مواجهتها، كون اكبر تحدى يواجه الامه بأسرها والأردن على وجه الخصوص هو ما يجرى حاليا في تؤام الأردن (فلسطين) وتحديدا التهديد اليمينى المتطرف من قبل حكومة اسرائل المعلن حول التهجير القسرى للسكان أصحاب الأرض الأصليين الى دول الجوار وتحديدا الأردن ومصر وفلسطين تلك الدول التي تربطها مع هذا الكيان اتفاقيات ومعاهدات ومواثيق (كامب ديفيد واوسلوووادى عربه) هذا التهديد الذى يقودنا الى تساؤل مشروع مفاده اذا كان هذا الكيان لا يحترم مواثيقه مع الدول التي ابرمت معه اتفاقيات صلح وسلام، فكيف يتعامل مع من لا تربطه به اية اتفاقيات ومواثيق؟ وهذا هو التحدي الأول.
أما التحدي الثاني فيتمثل بإعلان راعى الاتفاقيات الثلاث المشار اليها انفا (أمريكا) بصراحه ووضوح وعلى مرأى ومسمع من العالم كله بانحيازه الكامل لجانب إسرائيل ،بل واكثر من ذلك بارسال بوارجه البحرية وحاملات الطائرات الى المتوسط وانشاء جسر جوي لامداداها بالتجهيزات اللوجستية ،وان يقوم رئيسها ووزير خارجيتها ووزير دفاعها بزيارتها على عجل ،وان يشارك رئيسها في اجتماع مجلس الحرب الاسرائيلى ،وان يقول وزير خارجيتها انا جئتكم ليس كوزير خارجية بل كيهودي تعرضت اسرته للتهجير من قبل النازية، حتى فقد هذا الراعي صفته كما كان يزعم بأنه الوسيط النزيه.
وثالث التحديات هو موقف الاتحاد الأوروبي وتحديدا (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والتي كنا نعول عليها ان تكون صوت الحكمة والعقل وان تكبح جماح المغامر والمتهور والتي تمطرنا صباحا مساءا بفتاوى حرية التعبير ومفاهيم حقوق الانسان ،والتي أصبحت تضيق ذرعا برفع علم ما في مظاهره ،يتقاطر قادتها الواحد تلو الاخر وعلى عجل لزيارة إسرائيل ،تلك الدول التي هندست ممن نحن فيه الان من خلال أحادية بلفور المشوؤمة التي أعطت وطن وارض بأكمها ومن يملكها لمن لا يستحقها ،مرورا بثنائية التقسيم (سايكس-بيكو) الى ثلاثية العدوان على مصر الى ثلاثينية تدمير العراق ونهب مقدرات الامه وصولا الى من يدير الساحه الان في اروبا الذين يريدون تقسيم المقسم وتفتيت المفتت أصلا بسببهم من خلال زرعهم ودعمهم لكلية اصطناعية في جسم الامه المنهك .
وعن التحدى الرابع والذى كنا في الماضى نتحدث عنه همسا وبخجل،والذى اصبح اليوم الحديث عنه علنا وبالمكشوف وعلى اعلى المستويات ،الا وهو الازدواجية بالمعايير والانتقائية في التطبيق ،واكبر مثال على ذلك قضية اللجوء العالمي والتي جزء منها يشكل وصمة عار في جبين العالم المتحضر ،وهذا ما ينطبق على اللاجىء الفلسطيني الذى ومنذ 75 عام لا بواكي له في حين ان بعض اللاجئين الذين مضى على لجوئهم اشهر معدودة لهم بواكي كثر ومليارات لا تعد ولا تحصى.
امام تلك التحديات الجسام نقول ان الأردن هي اكثر دولة في العالم تعاني منها ومن تبعاتها ،بالاضافة الى التحديات الاقتصادية التي لا تنفصل عن السياسية التي اشرنا لها انفا ،نخاطب العالم الحر والعالمين الاسلامي والعربي بألا تتركوا الأردن وحيدا ،وألا يكون لسان حالكم يقول ( اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون ) ،ونطالبهم بألا يتركوا الأردن يدفع ثمن سياسة حكومة اليمن المتطرف في إسرائيل المتمثلة بالهروب الى الامام وترحيل مشاكلها وتعليقها على مشجب الاخرين ،وألا ينساق العالم الى حججها الواهية والتي تعودنا عليها والتي اخرها قولها مبررة عدوانها الأخير على غزة سببه ما قامت به حماس يوم 7 أكتوبر الامر الذي يقودنا ان نطرح سوالا منطقيا مفاده ،هل كانت حماس موجودة أيام مذابح دير ياسين وبحر البقر والطنطورة التي ارتكبت عام 1948 وقبية عام 1953 وكفر قاسم 1956 وقتل الاسرى المصريين عام 1956 وتل الزعتر عام 1976 وصبرا وشاتيلا 1982 وقانا 1 وقانا 2 ؟!..
لنقول لا تتركوا الأردن وحيدا لانه الايمان والصبر والتضحية ،كما ورد في حيث كعب الذي ذكره الامام ابن الاثير في كتابه (النهاية في غريب الحديث والاثر الجزء الثالث الصفحة 791) والذى قال فيه :(..ان الله بارك في الشام وخص بالتقديس من فحص الأردن ..) وما قاله ابن عدي في الكامل عن ابن عباس رضى الله عنه قوله ،قال رسول الله صلى عليه وسلم: (..اذا ذهب الايمان من الأرض وجد ببطن الأردن..)..
ختاما، نقول حمى الله الإنسانية جمعاء التي أصبحت بسبب التحديات المشار اليها انفا امام خطر حقيقي ووشيك وحمى الله الامتين العربيه والإسلامية وحمى الله الأردن الذى كان وما يزال وسيبقى قويا منيعا عصيا في مواجهة التحديات والصعاب ،والذي سيزداد صلابة كعهده وقوة منعة اذا لم يترك وحيدا كونه مثل طائر الفنييق (العنقاء) الذي يخرج دوما من رماد الحروب والحرائق والدمار المحيط به اكثر قوة وشبابا.