الملك والدور الحيوي لوقف الحرب على غزة
د. حمزة الخدام البلاونة
22-10-2023 12:00 PM
استكمالا لجهوده السابقة في دعم الأشقاء الفلسطينيين والوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة يواصل جلالته مساعيه الحثيثة في وقف الحرب التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة وفيما يلي أبرز الاسهامات الملكية لوقف العدوان الاسرائيلي الغاشم على قطاع غزة:
أولاً: تحليل مضامين الخطاب الرسمي لجلالة الملك في قمة القاهرة للسلام بتاريخ 21/10/2023
يظهر جلالته بشكل واضح للأشقاء العرب والأصدقاء من رؤساء وممثلي الدول الغربية أن القضية الفلسطينية هي الشغل الشاغل لجلالته وأن ما يجري من احداث كارثية ودموية اليوم يتطلب موقف واضح من المجتمع الدولي وأن خطاب جلالته يعتبر خارطة طريق للوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية والوقف الفوري للحرب على قطاع غزة.
أكد جلالته على وقف الكارثة الإنسانية التي تدفع منطقتنا كلها نحو الهاوية ، لقد خاطب جلالة الملك الأصدقاء من الدول الغربية (وهو العارف بالعقلية الأوروبية) مبتدئاً حديثه بتحية الإسلام الخالدة مؤكدا على أن رسالة المسلمون والعرب هي السلام والرحمة من الله سبحانه وتعالى ومخاطبهم بلغتهم( التي يفضلونها على غيرها من اللغات ) مذكرهم بالعهدة العمرية التي هي بمثابت كتاب ووثيقة خطها الصحابي الجليل عمر بن الخطاب والتي تشتمل على رسائل اخلاقية يتوجب على المسلمون الالتزام بها والتي تتلخص بعدم قتل الأطفال والنساء والشيوخ وانها (العهدة العمرية) واحدة من أهم الوثائق في تاريخ (القدس) والتي جاءت قبل صدور اتفاقيات جنيف بحوالي 1000 سنة وفي هذا رسالة واضحة بأن ما تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية لا يتماهى مع الاتفاقيات الدولية ، فشتان ما بين اخلاق المسلمون في الحرب واخلاق اليهود الذين يتفنون في قتل الأطفال والنساء والشيوخ وترويع الأبرياء منهم.
لقد أوضح جلالة الملك في قمة القاهرة أن حياة المدنيين ثمينة وأن ما تقوم به الماكنة الحربية الإسرائيلية من قتل للمدنيين الأبرياء أمر مرفوض على كافة الصعد والمستويات بل وصف جلالته ذلك بأنه (عقاب جماعي مرفوض) وأنها انتهاك فاضح للقانون الدولي إنها (جريمة حرب) وفي هذا رسالة واضحة وصريحة للقانون الدولي لعيد النظر بآلية تعامله مع الدول بحيث يتم تطبيق بنود القانون على جميع الدول بعدالة وأنه يجب على القانون الدولي أن لا يكون انتقائيا في التعامل مع هذه الحرب الواقعة على قطاع غزة.
شدد جلالته في قمة القاهرة على ضرورة أن يتعامل المجتمع الدولي في الحرب على قطاع غزة وفق معايير دولية محددة وواضحة وان تطبق على الجميع وأنه يتوجب على المجتمع الدولي أن لا يكون انتقائيا في التعامل مع الأطراف المتنازعة وقت الحرب وينحاز لطرف دون آخر فحياة الفلسطينيين يجب ان لا يتم النظر إليها على انها أقل قيمة من حياة الإسرائليين فكان من المفروض أن يدين المجتمع الدولي قتل المدنيين الواسع النطاق لأهلنا الفلسطينيين مثلما هب وقام بإدانة قتل المدنيين الإسرائيليين؛ لأن الضحايا المدنيين في المحصلة النهائية هم ضحايا أيا كانت هويتهم أو جنسيتهم أو عرقهم أو دينهم.
أكد جلالته في خطابه خلال قمة القاهرة على ضرورة أن يكون هناك موقف دولي يدفع باتجاه وقف الحرب على غزة وضرورة إيصال المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية إلى قطاع غزة وبشكل دائم دون توقف وفي هذا السياق حذّر جلالة الملك من إعاقة عمل المنظمات الدولية أثناء قيامها بواجباتها الإنسانية في قطاع غزة.
في خطابه اليوم وجه جلالته تحذيرا من خطورة الإجراءات الإسرائيلية التي تسعى إلى الدفع بموجة لجوء جديدة، مشددا على أنه لن يتم السماح بتهجير الفلسطينيين القسري عن أراضيهم لأنها تنذر بآثار كارثية على دول المنطقة برمتها بل اعتبر جلالته أن التخطيط لذلك يرقى إلى مستوى جريمة حرب وفقا للقاتون الدولي وأعتبر ان ذلك خط احمر لا يجب السماح لأي كان أن يتخطى هذا الحد.
يدعو جلالته الحضور من الدول (العربية والصديقة) إلى ضرورة تغيير النهج للتعامل مع هذه الحرب الكارثية التي تسبب الموت والكراهية وردود الفعل السلبية التي لن تؤتي إلا بمزيد من الدمار.
لقد أستخدم جلالته تعبيرات مجازية مهمة من خلال تأكيده على ان اسرائيل اليوم تقوم بتجويع الأطفال والمدنيين في غزة من قطع الإمدادات عنهم فإن هذا يؤكد على تجويعها للفسطينيين لعقود كثيرة مضت عن الأمل والحرية والمستقبل.
يؤكد جلالته على مسألة مهمة تتعلق بآلية التعاطي مع الحرب بعد انتهائه بأنه وكالعادة لن يتم محاسبة اسرائيل عن جرائمها وفي هذا انحياز واضح وصريح من قبل القانون والمجتمع الدولي مما يعطي اسرايل المزيد من الحق في ايجاد صراع جديد وقتل للمدنيين والأبرياء في الوقت الذي يرونه مناسباً.
يوجه جلالته رسالة شديدة اللهجة للقيادة الإسرائيلية المتشددة وهي ان استمرارها في الظلم لن يسمح لها بتأسيس دولتها بشكل مزدهر لطالما انها تمارس مزيد من الظلم على الفسطينيين كما أن هناك أكثر من خمسة ملايين فلسطيني يعيشون تحت احتلالها من حقهم العيش على أرضهم والحصول على حقوقهم المشروعة.
يؤكد جلالته على انه لا سبيل للعيش بامن ودون خوف دون وجود عملية سياسية هادفة تقوم على السلم المجتمعي وحل الدولتين وان ذلك لن يتاتى إلا من خلال احترام قيمة الإنسان في كافة الشرائع السماوية وأوضح جلالته ان الوقت قد حان لتحقيق ذلك.
ثانياً: جهود ملكية اضافية على كافة المستويات لوقف آلة الحرب الإسرائيلية على غزة:
على المستوى المحلي الأردني وجه جلالته الحكومة الأردنية إلى استمرار تقديم الإغاثات والخدمات الطبية من قبل المستشفى الميداني الأردني العامل في القطاع منذ سنوات وعدم مغادرته أرض غزة بالرغم من استمرار الحرب.
على المستوى المحلي الأردني وجه جلالته الحكومة الأردنية إلى تخصيص مبلغ (3) ملايين دينار أردني كدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الاونروا ) في تمويل عملياتها في قطاع غزة.
على المستوى المحلي الأردني وتنفيذاً لتوجيهات الملك عبدالله الثاني بن الحسين أرسلت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية وبالتنسيق مع وزارة الخارجية الأردنية والقوات المسلحة الأردنية، سلاح الجو،إرسال طائرة مساعدات إغاثية إلى قطاع غزة تحمل مواد طبية وأدوية على أن يتم إدخالها عبر معبر رفح بالتنسيق مع مصر.
على المستوى المحلي الأردني وفي خطاب العرش أثناء افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة التاسع عشر أكد الملك عبدالله الثاني عدم التخلي عن الدور الأردني حيال القضية الفلسطينية، محذرا من تقويض استقرار وأمن المنطقة دون تحقيق السلام الشامل والعادل.
على المستوى العربي والعالمي قام جلالته بعدد من الاتصالات الهاتفية والجولات الميدانية للعديد من الدول العربية و الأوروبية بهدف حشد الدعم من قادة هذه الدول ووقف الحرب على قطاع غزة.
على المستوى العربي والعالمي عبّر جلالته عن إدانته الشديدة واستنكاره بأشد العبارات للمجزرة البشعة التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين الأبرياء والمصابين والمرضى الذين كانوا يتلقون العلاج في مستشفى المعمداني في غزة معتبرها جريمة حرب لا يمكن السكوت عنها وان هذا الأمر يتنافى مع القيم الإنسانية والأخلاقية ويشكل خرقا فاضحا لقواعد القانون الدولي الإنساني.
على المستوى العربي والعالمي يؤكد جلالته على مسألتين هامتين في الحرب على غزة وهما الرفض القاطع للتهجير القسري وممارسة موجات لجوء جديدة وهو امر لا يمكن قبوله نهائياً ومسألة أخرى ضرورة إيصال المساعدات الطبية والغذائية وغيرها إلى قطاع غزة.
لقد برهن جلالته للعالم اجمع بأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية وهي مفتاح السلام والأمن والاستقرار في المنطقة وان الفلسطينيين أصحاب قضية عادلة ويجب تلبية حقوقهم المشروعة.
وفي الختام يسرني ان أثمن مواقف جلالة الملك المفدى وهي مواقف مشرفة في الدفاع عن الأشقاء في فلسطين المحتلة والتأييد الكامل لموقف جلالته والتي تؤكد على ما يلي:
1- الوقف الفوري للحرب الإجرامية على الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين في قطاع غزة.
2- ضرورة إدخال الماء والغذاء والوقود والمساعدات الطبية والإغاثية للمدنيين وللمستفيات في قطاع غزة.
3- الوقوف خلف مواقف جلالة الملك لحشد موقف عربي ودولي لوقف آلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة .
4- إننا يا سيدي نؤكد دعمنا المطلق لمواقفكم المشرفة والتي تدل على الحكمة والحنكة في التعامل مع القضية المركزية الأولى وهي القضية الفلسطينية وأن الوصول إلى سلام حقيقي لن يتأتى إلا بتحقيق االدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
- نكرر لكم يا سيدي بأننا ونحن نتايع هذه الظروف والأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها اهلنا في قطاع غزة دعمنا لمواقفكم النبيلة ونثمن عاليا جهودكم المباركة في وقف هذه الحرب الهمجية على القطاع لنؤكد لكم على ولائنا وانتمائنا وتأييدنا لكم ولنرفع إلى مقامكم السامي هذه أنبل العبارات التي عنوانها الولاء والانتماء لقيادتكم الهاشمية المظفرة، والله سبحانه وتعالى أسأل أن يحفظ هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً تحت ظل رايتكم المظفرة، وأن يحفظ الله أهلنا في فلسطين الحبيبة، وأن يكلل الله جهودكم المخلصة بوقف هذا الاعتداء الهمجي الغاشم على الاهل في قطاع غزة وعموم أراضي فلسطين المحتلة وعاصمتها القدس الشرقية.
*الأستاذ الدكتور حمزة الخدام البلاونه
أستاذ علم الاجتماع والحرب النفسية
al_khaddam80@yahoo.com