في عين العاصفة .. الأردن إلى أين؟
م.زياد المطارنة
22-10-2023 01:29 AM
في الواقع والوقائع: إن المنطقة تمر في صراع محموم عنوانه الصراع الفلسطيني مع الكيان الصهيوني وحقيقته أكبر من ذلك، حيث نرى أن الصراع يجري بين ثلاث مشاريع إقليمية تتسابق على قيادة الإقليم تمهيدا لتأخذ مكانها على مائدة التقاسم الدولي في معادلة النظام العالمي الجديد المتمثل في الصراع على قيادة العالم بين المعسكرين العالميين الغربي بقيادة أمريكا والشرقي بقيادة الصين وروسيا.
إن غياب المشروع العربي يضع الأمة العربية في مربع الرجل المريض الذي تسعى جميع هذه القوى المتصارعة لاقتسامه واستثماره في عملية بناء قواه المستقبلية.
إن كان الأمر كذلك فإن الأردن وهو يقع في قلب هذا الوطن العربي المأزوم سيكون في عين العاصفة وهو يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية حادة تجعل منه الحلقة الأضعف في مسلسل القضم واقتسام الغنائم القادم.
إن كان الأمر كذلك فإن خلالها انتصارا مبكرا غير مسبوق وغير متوقع تسبب في هز العالم وأدى إلى استدعاء أساطيله ومدمراته وجميع أدوات قتله كما استدعى قياداتها للتقاطر على المنطقة من أجل دعم الكيان الصهيوني ورفع معنوياته المنهارة وترهيب الجوار الإقليمي والقوى العالمية الصاعدة لمنعها من التدخل في الصراع خدمة للكيان الصهيوني وحماية لمصالح الغرب المتصهين ومن أجل ضمان استمرار هيمنته على المنطقة مجريات الأحداث في غزة وإطلاق معركة تحرير الإرادة التي قادتها المقاومة الفلسطينية البطلة وحققت من مجريات المعركة وهي لا تزال في بداياتها تقول بأن قطار تحرير الإرادة مستمر وغير قابل للكسر وهو في طريقه إلى التقدم باتجاه تصويب الخطأ التاريخي الذي أدى إلى تقسيم الوطن العربي وزرع الكيان الصهيوني في قلبه لضمان استمرار الغرب المنتصر في الحرب العالمية الثانية بالسيطرة على المنطقة ونهب ثرواتها وتوظيفها في خدمة مشروعه الامبريالي للسيطرة على العالم.
العالم اليوم يتغير ومعادلات الصراع قد تغيرت ومصالح الدول تتشابك وتتجاذب بشكل غير مسبوق ما يفرض على الأمة العربية وقواها الحية التحرك السريع من أجل تعريف المصلحة العربية ووضع الأطر اللازمة لرعايتها وحمايتها كي تستطيع أن تحمي عروش حاكميها وتسمح لهم بالجلوس على مائدة تقاسم المصالح في نهاية المطاف مستفيدة من الفرصة التاريخية التي منحتنا اياها معركة انتصار الإرادة والكرامة في غزة والتي أيقظت الوعي العربي وحركت الشارع العربي المثقل باوزار الهزيمة، إنها لفرصة تاريخية للقيادات العربية أن تنتفض على هزيمتها وتتحرر من شعورها بالضعف وتنتصر لكرامتها وتعلن بكل شجاعة عن مشروع مصالحتها مع جماهيرها والتسلح بها والسير معها وبها إلى بناء مشروع التحرر والتحرير العربي المبني على حقائق التاريخ والجغرافيا وقوة الحق.
إن عوامل انتصار المشروع العربي متوافرة بشكل غير مسبوق إن أحسن استثمارها.
إن الطبيعة لا تقبل الفراغ وإذا لم يتقدم العرب نحو مشروعهم بقوة فسيجدون أنفسهم أمام سايكس بيكو جديد أسوأ من الذي سبقه الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك - ليس بالأمس وليس غدا بل الآن واجب التحرك السريع للشروع لاستثمار المتغيرات الاستراتيجية في المنطقة والعالم وإخراج الأردن من فم الثور الصهيوني الهائج الطامع إلى تصدير أزمته إلى الجوار على أمل انقاذ مشروعه المتهاوي أمام نهوض المارد الفلسطيني.
لماذا الأردن في عين العاصفة؟
إن تقدم المشروع الصهيوني في غزة إن قدر له ذلك سيضعه بالضرورة في مواجهة المشاريع الإقليمية الساعية إلى قيادة الإقليم وأقصد هنا المشروع الإيراني والمشروع التركي.
كما أن حشد القوات الغربية بقيادة أمريكا لنصرة إسرائيل ومشروعها سيصطدم بالضرورة بالمصالح الروسية والصينية ونفوذها كذلك والمتمثل بوجود القوات الروسية وقاعدتها الجوية والبحرية في سوريا وكذلك اتفاقية التعاون والشراكة الاستراتيجية بين سوريا والصين.
إن تضارب المصالح والاختلال في ميزان القوى الإقليمية والدولية التي حكمت الستاتيكو) في المرحلة السابقة سوف ينتهي حكما مع بداية تحرك التحالف الصهيوامبريالي في فرض معادلته الجديدة القديمة في ترحيل الفلسطينيين إلى مصر والأردن وهنا مربط الفرس.
الواقع الأردني يقول بأن الأردن يرزح تحت ثقل مديونية كبيرة لا طاقة له بها ومكبل بمجموعة من المعاهدات والاتفاقيات الجائرة تلامس حياة الناس في مأكلهم ومشربهم وكهربائهم ومائهم وتنقلاتهم وكل ما يتصل بشرايين حياتهم ويضعهم تحت رحمة أعداء طامعين لا رادع لهم سوى القوة.
لكل ما تقدم فإن ذلك يستدعي الأردن للتحرك فورا نحو بناء جبهة وطنية عريضة تلتحم فيها القيادة مع الشعب بكل قواه الحية والحقيقية وتمكينه من أخذ دوره في حماية الوطن عبر توظيف كل موارده البشرية والطبيعية واستعادة كل عناصر القوة التي فرط بها وكلاء المشروع الصهيواميركي وأذنابه.
أيها العرب العرب فلتعلموا جيدا أن لإسرائيل مشروعها التوسعي الاستعماري العنصري المجرم ما يضعها أمام المشروع الإيراني وكذلك التركي وفي تصادم مباشر مع الأمة العربية.
كما أن للمشاريع العالمية المتصارعة على قيادة العالم ممثلة في الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من جهة وروسيا والصين وحلفاءها من جهة ثانية مصالح جيو استراتيجية للسيطرة على المنطقة أيضا.
أيها العرب عليكم التحرك الفوري نحو بناء مشروعكم العربي القادر على التفاعل من هذه المشاريع الطامعة في أرضكم ومواردكم وماضيكم وحاضركم ومستقبلكم ايها العرب لا تتركوا لهذه المشاريع المتصارعة على أرضكم الجلوس على مائدة تقاسم المكاسب وعلى حساب جثتكم الهامدة.
أيها العرب لا نريد أن نراكم وراء الركام تبكون كالعجائز ارثا حضاريا عظيما لم تصونوه، وكرامة انسانية لم تفهموا معناها.
وللحديث بقية..