العمق الإستراتيجي في الملف الفلسطيني
د. عادل محمد القطاونة
22-10-2023 12:31 AM
في معركة غير عادلة، معطيات غير واضحة، تصريحات غير كاملة؛ في مشهد عسكري محموم وأنساني مأزوم، في تراشق واضح للضربات الجوية والصواريخ الأرضية، وتنازل فاضح عن القيم الإنسانية، وبعيداً عن الأعراف العسكرية والقيم الأخلاقية والدينية، يتساءل الكثيرون من المسؤول عن قتل النساء والأطفال؟ وما هو البعد الإستراتيجي في سياسة القتل المتعمد والتهجير القصد؟
وفقاً لبيانات المركز الفلسطيني للإحصاء، بلغ عدد سكان فلسطين في منتصف عام 2023 حوالي 14.5 مليون نسمة، منهم 5.48 ملايين فلسطيني في دولة فلسطين (الضفة الغربية 3.25 مليون وقطاع غزة 2.23 مليون)، وحوالي 9.02 ملايين فلسطيني يعيشون خارج فلسطين؛ اليوم تتوجه أنظار العالم إلى قطاع غزة، الأوضاع هناك تشير إلى كارثة إنسانية بعد العملية التي شنتها حركة حماس على مواقع مختلفة من إسرائيل، والرد القاسي الذي تقوم به إسرائيل حاليًا من تشديد الحصار الجماعي على القطاع، وقطع المياه والكهرباء والغذاء، إضافة إلى الهجوم الجوي المستمر والمجازر البشرية الهادفة إلى إنهاء حياة الآلاف من الأشخاص أطفالًا أكانوا أم كبارًا في السن! غزة أكثر المناطق السكنية كثافة في العالم مقارنة بالمساحة، وتبلغ مساحتها حوالي 365 كيلومترًا مربعًا، فيما تعتبر امتدادًا ضيقًا يبلغ طوله 40 كيلومترًا؛ يحد قطاع غزة من الشمال إسرائيل فيما يحدُه من الجنوب الغربي مصر، ويمتد القطاع على ساحل البحر الأبيض المتوسط. يتوزع سكان غزة على 5 محافظات؛ هي: مدينة غزة وخان يونس وشمال غزة ورفح ودير البلح.
لطالما كان العمقُ الاستراتيجي مصطلحاً يستخدم لوصف المناطق الفاصلة بين خطوط القتال على جبهتين، ويصف مدى مقدرة الجيش على مواصلة الحرب لفترات طويلة بكفاءة وفاعلية آخذاً بعين الظروف المحيطة والامكانات القتالية المتاحة؛ الشعب الفلسطيني وعلى الرغم من مرور أكثر من ٧٥ سنة من النكبة وأكثر من ٥٦ سنة من النكسة، وفي ظل عدم وجود تسوية عادلة تستند إلى حقوقه الوطنية الطبيعية والتاريخية، وتشمل حقه بالعيش في وطنه، وحقه بتقرير مصيره، وحق اللاجئين بالعودة إلى الديار التي هجروا منها، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وعاصمتها القدس، على كامل الأراضي المحتلة عام 1967، إستطاع أن يقدم عمقاً استراتيجياً صلباً ثابتاً في حقوقه المشروعة وأرضه المسلوبة!
اخيراً وليس آخرًا وفي ظل قراءة تاريخية عميقة فقد آن الأوان لأن تعيد اسرائيل حساباتها المدنية والعسكرية، السياسية والإستراتيجية، وأن تستبدل سياستها القائمة على تحقيق الأمن بسياسة تحقيق السلام، سلام كامل عادل يكفل للفلسطينيين العيش على أرضهم بكرامة وإرادة، دون مناكفات أو مزايدات، دون قتل أو عنف ودون تهديد أو وعيد، لأن السنوات الماضية أثبتت فشل تلك المراهنات والمغامرات الإسرائيلية بنسيان العرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص للقضية الفلسطينية أو المقدسات الإسلامية والمسيحية.