أسئلة حيوية في توقيت غير متوقع
رومان حداد
22-10-2023 12:21 AM
تحترق المنطقة بسبب آلة الحرب الصهيونية الغاشمة، وكلنا اليوم معنيون بإنهاء جرائم الحرب الصهيونية بحق أهل غزة، ووقف الحرب، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بصورة مستمرة مستدامة لأهل غزة.
ووسط هذه الأحداث، تشكل يقين لدينا كيف يمكن لحرب أن تعيد تشكيل المنطقة سياسياً وديموغرافياً وربما جغرافياً، على مرأى من العالم دون أن يتحرك هذا العالم بفعالية، ما شكل صدمة لكثيرين، وما أثبت نظرية كثيرين أن الغرب متآمر علينا، ويقف دائماً بصف أعدائنا إن لم يكن هو العدو أصلاً.
ما يحدث في غزة اليوم أثار عندي مجموعة من الأسئلة، أو إن شئنا سميناها مخاوف، قد يرى كثيرون أن هذا ليس أوانها، أو أن طرحها الآن يشكل تشتيتاً للجهود والتركيز المنصب على مساعدة أبناء غزة، ورغم ذلك فإني أرى أنها بالغة الأهمية وعلى المسؤولين عن الإجابة عليها أن يفكروا بها جيداً ويضعوا السيناريوهات الممكنة للخروج من المآزق التي تفترضها هذه الأسئلة.
جميعنا يعرف أن الأردن تبنى فكرة السير في تحديث المنظومة السياسية، وما نتج عنها من تعديلات دستورية وقانوني انتخاب وأحزاب جديدين، بحيث يتم تغيير قواعد اللعبة السياسية الداخلية بإعطاء دور أكبر للأحزاب بهدف الوصول إلى مجلس نواب حزبي تقوده البرامج الحزبية عوضاً عن المسارات الخدمية للنواب.
ولكن لحدوث ذلك، فإن متطلب الاستقرار في المنطقة يعتبر شرطاً ضرورياً كي لا تتأثر الساحة الداخلية بأحداث تجري من حولها، فتتحكم العاطفة الجياشة بقرار الناخب الأردني، وبمعنى سياسي أوضح، فلا يجوز اختيار مجلس نواب لمدة أربعة سنوات استناداً إلى لحظة سياسية استثنائية، لأن من سيمثل الأردنيين في تلك اللحظة ليسوا هم الأجدر بالوصول وقيادة المشهد للسنوات الأربعة التالية، خصوصاً وأن هناك من يحترفون اعتلاء المنابر والتلاعب بالعواطف بخطابتهم المعهودة، ولا يملكون برنامجاً حقيقياً قابلاً للتنفيذ.
فالحرب الصهيونية على غزة قد تستمر أو تتطور لتصل الضفة الغربية، أو ربما تتوقف لفترة من الزمن، من ثم تعود الآلة العسكرية الصهيونية الغاشمة للعمل، بعد إراحاتها، في الضفة الغربية، عبر ارتكاب جرائم حرب ضد أهل الضفة، ومحاولات بدء عملية التهجير الجماعي القسري نحو الأردن، فهل نستطيع حينها إجراء انتخابات نيابية في ظل هذه المعادلة.
كما قد تحدث تغييرات في السلطة الوطنية الفلسطينية تؤثر على الساحة الفلسطينية كما تؤثر على الداخل الأردني، فهل سيكون إجراء انتخابات نيابية فعلاً حكيماً حينها؟
في كل التجارب الأولى، علمياً إمبريقياً أو في مجال العلوم الإنسانية، فإن هذه التجارب تجري في مختبرات أو وفق أسس مخبرية، بمعنى أن التجربة تجري وفق ظروف معيارية، كي نختبر ما نحن بصدد اختباره بعيداً عن الظروف المحيطة التي قد تؤثر على نتائج التجربة وتفشلها.
اليوم، المطلوب من دوائر صناعة القرار هو بناء تصور استراتيجي، قائم على مجموعة من السيناريوهات حول الانتخابات النيابية القادمة، قائمة على فكرة العمل على نجاح التجربة وما يتطلبه ذلك من حيث الظروف السياسية المحيطة والتوقيت، وليس بناء على ضرورة إجرائها في توقيت محدد بغض النظر عن النتائج المتوقعة، فالانتخابات القادمة ليست مَهَمّة يجب إنجازها فقط للتخلص منها من قائمة المهمات، بل هي حدث سياسي مهم جداً في مسيرتنا الديمقراطية.
وسلامة الوطن والوصول إلى أفضل المخرجات الانتخابية لضمان نجاح عملية تحديث المنظومة السياسية يجب أن تكون هي الأهداف التي تشير لها بوصلة القرار.
الرأي