عندما يتسلح الفرد بلا إله إلا الله في ليله ونهاره وفي حله وترحاله وفي سره وجهارة وفي حربه وسلامه، لا بد من تحقق المعجزات وخرق العادات وتحقق الكرامات، وانتصار الفئة القليلة المستضعفة على كثيرة العدد والعتاد. العقيدة السليمة زاد وعتاد وسياج يزيد بصيرة المسلم وهمته وشجاعته وإقدامه، يخوض غمار الحياة بقوة النفس ورباطة الجأش متطلعا لرغباته مقداما لغاياته، لا إله إلا الله بها نحيا وعليها نموت ولها تستجيب نوائب الدهر ونواميس الكون.

بعد انقضاء أسبوعين من الزمن على عملية طوفان الأقصى وما تبعها من جرائم وحشية من أحفاد القردة والخنازير بما رافقها من قتل الأطفال والنساء والشيوخ، ها هي شمس النصر تبزغ بإطلالتها المشرقة البهيجة على قطاع غزة، فهي شمس الحق التي حبسها الله لنبيه يوشع بن نون في سالف الزمان من أجل قتال الجبارين وها هي تسطع بأشعتها البراقة تنشر الاطمئنان وتبث العزيمة والتفاؤل على أبطال غزة، لتبرز بعض المعالم لنصر الله المرحلي العيني الذي يسبق النصر الكبير المنتظر.

اليوم لو تباحثنا بالأحداث لوجدنا معالم النصر، فاليوم من يتحكم بالقرارات والمجريات هم أبطال المقاومة، بداية من خلال كسر إرادة الصهاينة بإدخال المساعدات العينية للقطاع إلا بإطلاق سراح الأسرى، لكن ما تحقق على أرض الواقع كان يخالف مطالبهم، إننا نجد المساعدات العربية الإسلامية لنصرة الأشقاء تدخل القطاع لتدعم صمودهم في وجه الاعتداءات السافرة، فقد ساهم ثباتهم ورفضهم للتهجير واختيار الموت عليه، ونصرة الأقطار العربية والإسلامية لهم في ذلك، كما أننا نشاهد تلعثم وتردد وتخبط الكيان وكل من دعمه في تحديد وقت الغزو البري للقطاع، فإن هذا التردد والتباين في إطلاق التصريحات ليعتبر هزيمة مرحلية لهم تعبر عن خوفهم وعدم تحكمهم في مجريات الأمور.

وعلى الجانب الآخر نجد الثقة والهمة والعزيمة النابعة من عقيدة سليمة ساهمت في حسن إدارة فصائل المقاومة لمراحل هذا العدوان، ويظهر ذلك جليا في تعاملهم الإنساني مع الأسرى وإطلاق سراح بعضهم نتيجة الحاجة الإنسانية كما هي وصايا ديننا في ذلك، إضافة إلى إطلاق التصريحات الواثقة بين فترة واخرى إلى جاهزيتهم للحرب البرية مما دب الرعب في قلوب هذا الكيان وكل الداعمين له. ومما يؤكد حسن ادارتهم وعمق بصيرتهم للأمور هو إعدادهم الجيد وعلاقاتهم الموسعة مع المحيط بالتصريحات التي تكسب ود الجميع فلا يطلقون عبارات التشكيك والخذلان بجهود الاقطار المجاورة، بل كانت خطاباتهم جامعة شاكرة لجهود الجميع عربيا واسلاميا، وايضا يظهر ذلك بشكل واضح من خلال تعاونهم المبني على تحقيق مصالح مع الجانب الإيراني بكل اذرعه في المحيط، إذ نجد اليوم فصائل المقاومة تتواجد في مناطق مختلفة في المحيط مما شتت قوة العدو ودب الرعب فيهم، إذ نعاين تهجير المستوطنات من ساكنيها من الصهاينة على امتداد الحدود السورية العراقية واللبنانية.

وفي الختام أمام هذا التحليل الذي يبرز بزوغ النصر المرحلي لابطالنا، نترحم على الشهداء فهم في جنة الخلد هذا عزائنا ولا بد من أن لا نعتبر استهداف المستضعفين هزيمة لنا بل هو نصر، لأنه عمل جبان ولأن قتلانا في جنان الخلد، ونقولها بأننا في اردن الرباط لن ننفك عن دعم صمود الابطال بكل الوسائل ولن تنفك افواهنا عن الدعاء لهم بالنصر والتمكين.