الغرب يساند الحرب الإسرائيلية في غزة
د. حمزة العكاليك
19-10-2023 01:53 PM
أثار التصعيد الأخير للحرب الإسرائيلية على غزة مخاوف بشأن امتداد آثاره على الوضع الاقتصادي والسياسي في المملكة، وبما أن الأردن يشترك في حدود طويلة وعلاقات قوية مع فلسطين، فمن المتوقع أن يواجه تداعيات اقتصادية وسياسية، ولذلك، ولتقليل العواقب والتحديات المحتملة على الاقتصاد الأردني، ينبغي تحليل القطاعات الأكثر عرضة للتأثر والعمل على دعمها، وينبغي أيضًا استكشاف السبل الممكنة للتخفيف والدروس المستفادة من حوادث مماثلة في الماضي، إن للحرب الإسرائيلية في غزة آثار بعيدة المدى على الاستقرار الإقليمي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ونظراً لقرب الأردن الجغرافي وعلاقاته العميقة مع فلسطين، فإن الاقتصاد الأردني واستقراره سيواجهان عواقب الصراع.
من المرجح أن يكون أحد أهم التأثيرات الاقتصادية على الأردن هو الاضطرابات في تدفقات التجارة والاستثمار، لقد كان الأردن تاريخياً بمثابة مركز عبور للبضائع المتجهة من وإلى فلسطين، وبالتالي، فإن أي انقطاع في طرق التجارة هذه قد يعيق تجارة الأردن عبر الحدود.
وقد يتأثر الاستثمار أيضًا سلبًا لأن حالة عدم اليقين في المنطقة قد تمنع المستثمرين الأجانب من القدوم الى المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، فإن إغلاق خطوط أنابيب الغاز القادمة إلى الأردن، الناتج عن عدم الاستقرار في المنطقة، سيجبر الأردن على الاعتماد على مصادر طاقة أكثر تكلفة، وقد تؤدي الأعمال العدائية الممتدة في غزة إلى تفاقم هذا الوضع، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الطاقة بالنسبة للشركات والأسر الأردنية، كما أن تناقص توافر الموارد يمكن أن يؤثر سلباً على الإنتاج الصناعي ويثبط الاستثمار الأجنبي في التصنيع.
علاوة على ذلك، فإن قطاع السياحة في الأردن، الذي يعتمد بشكل كبير على السياح الدوليين، سيشهد انكماشا بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، فغالبًا ما يؤدي تصعيد الصراعات إلى مخاوف تتعلق بالسلامة السياحية، مما يؤدي إلى إلغاء أو تأجيل خطط السفر، حيث إن عدم الاستقرار الإقليمي يقلل من ثقة السياح الإقليميين، مما يؤثر على عائدات الأردن من السياحة، اضف الى كل ما سبق، فمن المرجح أن يواجه الأردن، باعتباره دولة مجاورة، ضغوطا متزايدة في استيعاب اللاجئين الفلسطينيين في حالة تدفق أعداد كبيرة منهم نتيجة للحرب الإسرائيلية على غزة، وهذا سيؤدي الى الضغط الإضافي على البنية التحتية ونظام الرعاية الصحية والخدمات العامة في البلاد مما يقود إلى إعاقة النمو الاقتصادي.
وبالتالي، ولمواجهة الآثار السلبية المحتملة، يمكن للأردن التركيز على العديد من استراتيجيات التي من الممكن ان تخفيف من الاثار التيسيعاني منها الاقتصاد الاردني، إن تعزيز وتنويع العلاقات التجارية وتحسين التعاون الاقتصادي بين الدول العربية، وبناء تحالفات مع الشركاء الدوليين، يمكن أن يساعد في تقليل الاعتماد على هذه الأسواق غير المستقرة، علاوة على ذلك، فإن الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة الطاقة يمكن أن يخفف من الضعف في مجال الطاقة. كما أن تعزيز بيئة الأعمال المواتية وتشجيع السياحة غير الإقليمية يمكن أن يساعد في تقليل الاعتماد على السياح الإقليميين.
وفي الجانب السياسي، تلعب الحكومة الأردنية دوراً حاسماً في التخفيف من التبعات السياسية للحرب الإسرائيلية على غزة باعتباره جارًا مؤثرًا ومشاركًا نشطًا في عملية السلام، فإن للأردن مصلحة راسخة في دعم الاستقرار والتنمية الاقتصادية في المنطقة حيث ان الاردن من خلال بعض الاستراتيجيات التي نفذتها الحكومة الأردنية؛ مثل المساعدات الإنسانية يساهم الأردن بشكل فعال في تقديم المساعدات الإنسانية لغزة، بما في ذلك الإمدادات الطبية والغذاء وغيرها من الموارد الأساسية للتخفيف من المعاناة المباشرة الناجمة عن الصراع، كما يمتلك الجيش الأردني مستشفى في غزة للتخفيف من معاناة النظام الصحي في القطاع وتوفير العلاج لجرحى ومصابي الحرب الإسرائيلية على غزة والعناية اللازمة للمرضى قبل الحرب.
ثانياً، دعم إعادة الإعمار: تعمل الحكومة مع المنظمات الدولية والدول المانحة لدعم جهود إعادة الإعمار في غزة. تاريخياً، استضاف الأردن العديد من مؤتمرات المانحين لحشد الموارد المالية لإعادة بناء البنية التحتية والمدارس والمستشفيات والإسكان للاخوة الفلسطينيين.
ثالثا، تسهيل التجارة: يسمح الأردن بنقل البضائع عبر حدوده البرية لدخول فلسطين، مما يسهل التجارة ويساعد في تنشيط الاقتصاد الفلسطيني. ويشمل ذلك دعم الصادرات وتنسيق الوصول إلى السلع والخدمات.
رابعاً، التأثير الدبلوماسي: يستخدم الملك عبد الله الثاني قنواته الدبلوماسية للدعوة إلى السلام والاستقرار وإنهاء الصراعات في المنطقة، ويشارك جلالته في حوار مع أصحاب القرار الرئيسيين في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وألمانيا والقوى الإقليمية والدولية الأخرى، لإيجاد حلول طويلة الأمد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
خامسا، تقديم الدعم للاجئين: يستضيف الأردن عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين الذين لجأوا خلال الصراعات المختلفة. وتوفر الحكومة الخدمات الأساسية والتعليم والرعاية الصحية لضمان رفاهيتهم، وبالتالي التخفيف بشكل غير مباشر من العواقب الاقتصادية للحرب الإسرائيلية بشكل عام، تركز استراتيجيات الحكومة الأردنية على توفير الدعم الفوري، وتسهيل إعادة الإعمار على المدى الطويل، والدعوة إلى السلام، ومساعدة الفلسطينيين على بناء اقتصاد مستدام.
ومن ناحية أخرى، فإن الحرب الإسرائيلية في غزة تساهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي، وقد تكون التداعيات طويلة المدى على الوضع الاقتصادي والسياسي الأردني كبيرة. أولاً وقبل كل شيء، تصعيد التوترات: تؤدي الحرب الإسرائيلية في غزة إلى تصعيد التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين وربما تتصاعد إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأكملها، لأنها غالباً ما تثير احتجاجات ومظاهرات في جميع أنحاء المنطقة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى المزيد من التطرف وزيادة الأنشطة المتطرفة، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار الإقليمي. وبالتالي، يمكن أن يمتد الصراع إلى البلدان المجاورة مثل الأردن، إما من خلال المواجهات الامنية المباشرة أو من خلال تدفق اللاجئين الباحثين عن الأمان. وهذا يمكن أن يجهد موارد وأمن هذه البلدان ويساهم في عدم الاستقرار.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحرب الإسرائيلية الوحشية في غزة تغذي عدم الاستقرار السياسي في المنطقة. ويمكن أن يؤدي الصراع إلى تعطيل الأنشطة التجارية والاقتصادية في المنطقة. وقد تغلق الحدود، مما يؤثر على التجارة عبر الحدود بين البلدان، ويمكن أن تتراجع السياحة والاستثمار بشكل كبير، ويمكن أن يكون لهذا الاضطراب الاقتصادي آثار طويلة المدى، مثل انخفاض النمو الاقتصادي، وزيادة معدلات البطالة، والضغوط المالية على الحكومه.
ومن الممكن أن تؤدي مثل هذه الصراعات إلى محاولات إعادة تشكيل الوضع السياسي في المنطقة، وبالتالي فإن الحكومة الإسرائيلية ستستغل الوضع وتفرض حلها السياسي. وبالتالي، تطرح الحرب الإسرائيلية على غزة تحديات كبيرة على الوضع الاقتصادي والسياسي للأردن مما يوجب استخدام اوراق الضغط التي يمتلكها الاردن واستخدام علاقاته الدبلوماسية مع اللاعبين الرئيسيين في العالم لوقف الحرب في غزة ومقاومة أي هجوم إسرائيلي لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم التاريخية.