تلوح في الأفق نُذُر توسع في الحرب الاسرائيلية على غزة، إلى حرب إقليمية، بعد أن رفضت قوات الاحتلال وقف حرب الإبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر منذ نحو 16 عاماً، وهي القراءة التي طالما حذر منها الاردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني طوال السنوات الماضية، وعلى كافة المستويات، لكن المجتمع الدولي لم يأخذ الامور على محمل الجد وكأن الأمر لا يعدو مبالغة، خصوصاً في ظل الاولويات الاخرى التي طرأت على الساحة الدولية.
اليوم، ومن برلين، يطلق الملك تحذيراته مجدداً من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيقود المنطقة الى مستقبل مجهول تدفع ثمنه ليس دول المنطقة، بل العالم أجمع، من خلال موجة كراهية لا تستثني أحدا، كون الصراع يقع في منطقة تعتبر قلب العالم النابض، وأن مواصلة تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، لا يعني ذلك نهاية القضية الفلسطينية، بل هي الشرارة التي ستؤدي بالمنطقة والعالم الى حرب إقليمية لا يُعرف متى وكيف ستنتهي؟
في كل مرة يتجدد فيها الصراع على الساحة الفلسطينية، يفشل العالم في إيجاد أفق سياسي جديد دائم يقود الى الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في حياة كريمة،مثله مثل بقية شعوب الدنيا، وهذا ما يُعتِبرْ إبر تخدير موضعية محددة زمانياً، سرعان ما يعود الوضع الى الانفجار، ليس لسبب سوى أن العالم والمجتمع الدولي، تخلى عن مسؤولياته في طرح مقاربة منطقية تعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة، منذ قرابة 70 عاماً، رغم أن المجتمع الدولي نفسه هب منذ اليوم الأول للحرب في أوكرانيا، رافضاً الاحتلال الروسي لأجزاء منها، وهو ما يؤكد «الازد?اجية في المعايير» عند التعامل مع القضايا الدولية، ما يُرتب كلفاً على هذه الدول التي تهيمن على صناعة القرار في هذا العصر.
إسرائيل تدرك أن الشعب الفلسطيني مصرّ على الحصول على حقوقه واستقلاله، وهي تحاول بشتى الوسائل إجهاض الاستقلال والتحرر للشعب الفلسطيني، من خلال لجوئها الى استعداء حركات المقاومة الفلسطينية التي تحاول بكافة الوسائل تحقيق حلم الدولة، وتحريض المجتمع الدولي ضد هذه الحركات مستغلة نفوذها وأذرعها، وهو ما لمسناه في الحرب الحالية على غزة عندما حصرت الصراع بحربها على حركة حماس، وكأن الامر لا يعدو كونه تنظيما مسلحا لا بد من اجتثاثه، وتجاهل كامل للشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، الذي يناضل من أجل حريته واستقلاله بلا كلل،ويد?ع كل يوم ضريبة الدم في القدس والضفة وغزة والداخل أيضاً.
لكن بالمحصلّة، مهما حاولت إسرائيل بأدواتها السياسية والإعلامية خداع العالم واستعطاف الرأي العام الغربي بأكاذيب وفيديوهات مفبركة ومعدة مسبقاً، سرعان ما انكشفت ورُدت صوب مروجيها، يعود المجتمع الدولي وعواصم القرار المؤثرة الى صوت الحكمة والواقعية والمنطق، الذي يتبناه الملك عبدالله، الذي قاد جهودا دبلوماسية جبارة من أجل وقف العدوان الوحشي على غزة، وفك الحصار الشامل، ومحاولة إيجاد مسار سياسي جاد وحقيقي يجنب المنطقة والعالم مثل هذه الحروب والأزمات التي غيّرت في مجريات الأحداث وموازين القوى، وكشفت إمكانيات «الجيش?الذي لا يقهر» وآلة الحرب الإسرائيلية التي لا تستقوي إلا على بيوت المواطنين العزل، وأن مقاومة الاحتلال تتصاعد وتقوى يوما بعد يوم، وهذا ما يجب على إسرائيل أن تخشاه مستقبلاً إذا لم تقرّ بحقوق الشعب الفلسطيني، وتوقف هجمة مستوطنيها الهمجية على المقدسات في القدس.
Imad.mansour70@gmail.com
"الرأي"