أين أمريكا من زلزال المنطقة؟
راكان المجالي
20-02-2011 03:17 AM
هنالك من يعتقد أن امريكا التي نجحت بأن تجلس على قمة العالم متفردة في اطار نظام دولي أحادي القطبية لم تحقق ذلك بالصدفة وانما بالدراسة والتخطيط الطويل النفس على مدى قرن كامل وصولاً لمشروعها الامبراطوري في الهيمنة على العالم ، ولذلك فهي مُلمة ومؤثرة في كل ما يجري في العالم وخاصة في المناطق الاكثر أهمية لها مثل منطقتنا.
لكن هنالك من يعتقد ان امريكا ليست اكثر من قوة غاشمة وانها تحقق نفوذها عبر مغامرات وحماقات ترتكبها وتتورط فيها ويصعب عليها العودة عنها بسهولة.
على كل حال ، امريكا ليست قدراً ولا قوة إلهية ، ولكنها ايضاً ليست بلا عقل ولا سياسات استراتيجيات مرسومة ويصعب تصديق ان لا نفوذ لها وتأثيرا في منطقتنا تحديداً والعالم أجمع ، وقد لا يكون حكيماً التقليل من هذا النفوذ والتأثير العلني منه وما هو اكثر ما خفي منه.
ومع الافتقار الى المعلومات حول حقيقة توجهات السياسة الامريكية تجاه منطقتنا ، فان المتابع لا بد ان يطرح اسئلة حول الوقائع التي سبقت الزلزال وانفجار الشارع في اكثر من بلد عربي وانهيار النظامين التونسي والمصري كمقدمة لانهيارات حتمية في اكثر من بلد واحتقان وتوتر في كل البلدان العربية كحصيلة لكون البنية الاجتماعية المختلة في كل المجتمعات العربية هي واحدة او هي على الاقل متشابهة جداً،.
على ضوء ما تقدم ، لا بد ان نسأل عن سر الارتياح الامريكي لثورة شباب مصر وتبني مطالبها بقوة ابتداءً ثم تخفيف الاندفاع قليلاً وصولاً الى مشاركة مباشرة في التفاوض المباشر مع الجيش المصري لازاحة مبارك وتغيير النظام تدريجياً.
لقد كانت تونس قريبة جداً من امريكا ولكنها ليست في أهمية مصر التي كانت الأقرب لامريكا والاكثر تشدداً ضد خط الممانعة الذي تقوده ايران ، فمصر ناصبت ايران وسوريا وحزب الله وحماس العداء بتطرف وحتى اكثر مما تريد امريكا واسرائيل،.
ولذلك ، مع فرضية ان امريكا ليست غبية ولا حمقاء ولا عمياء وجاهلة في السياسة وتتخبط وتتورط بما لا ندركه.. الخ ، وبالتأكيد فانه يصعب تصور امريكا كذلك وانها بلا دور ولا فعالية ولا تأثير في المنطقة وهو ما يغري بطرح اسئلة عديدة ، واول الاسئلة هو لماذا تواطأت امريكا مع ايران في العراق منذ الاحتلال وحتى اليوم وآخر فصول ذلك قبل ثلاثة اشهر بتزكية المالكي رجل ايران ليحكم العراق باسم ايران وامريكا معا بعد افشال امريكا المبادرة السعودية بشأن العراق،،.
اما ثاني الاسئلة ، فهو لماذا رفعت امريكا الغطاء عن قوى 14 آذار وسعد الحريري في لبنان مما سهل انجاز شبه انقلاب لصالح 8 آذار بقيادة حزب الله لتكون الحكومة حكومته والاكثرية النيابية معه ، وهنالك اسئلة عن العلاقة مع سوريا والاقتراب الامريكي منها واعادة السفير الامريكي لدمشق ، قبل بضعة اسابيع،، ولا يخفى ان حماس هي اليوم اكثر المستفيدين من رحيل النظام السابق ولذلك فان ايران وسوريا وحزب الله وحماس لم تتأثر سلباً بتردات الزلزال الذي ضرب المنطقة والذي قد تستثمره امريكا لصالح استراتيجياتها المُعلنة من الفوضى الخلاقة الى تفكيك الكيانات الوطنية تمهيداً لاعادة تركيبها في نظام شرق أوسطي او برسم خرائط جديدة.. الخ.
والاسئلة حول ما يجري في المنطقة لا تنتهي ، ومنها تهديد ايهود باراك بالعودة لاجتياح جنوب لبنان فرد عليه زعيم حزب الله حسن نصرالله بمطالبة مقاتلي حزب الله ان يكونوا مستعدين لاحتلال الجليل ، وهو ما أربك اسرائيل ودفع نتنياهو ان يخفف من رعب الاسرائيليين فأعلن نتنياهو وهو يرتجف ان اسرائيل قادرة على الدفاع ان الجليل وكان نصرالله قد أكد قبل عام ان ضرب بيروت سيعني ضرب تل ابيب.. الخ.
والاسئلة كثيرة وربما انطوى بعضها على رسائل امريكية ضمنية لاسرائيل بسقوط نظام مبارك الاقرب لها ، وبانتقال حزب الله من الدفاع الى الهجوم ، وبمناورة مرور سفن حربية ايرانية من قناة السويس لاول مرة منذ العام 1979 والذي أثار اسرائيل و.. و.
كثير من الاسئلة التي تمر او كما يقول أهلنا الشوام "شي بحط العقل في الكف".
(الدستور)