بعض المستشارين يقولون لأصحاب القرار في الأردن ـ لا تطمعوا الناس فينا ، ولا تعطوهم كل ما يطلبون دفعة واحدة ، بل لا تعطوهم إلا ما يُعطى الجريح من قطرات الماء ، على امل أن "يفرط" وتصعد روحه إلى السماء. (على فكرة الناس طمعانين على كل الأحوال ـ روح مصر وتونس سرت في الشعوب العربية سريان النار في الهشيم،).
هذه نصيحة خالية من اي رؤية تاريخية ، أو واقعية ، حفلة الستربتيز التي قام بها نظام مبارك المخلوع ، تثبت أن جوع الجماهير ليس له حدود ، خاصة إذا جاءت الاستجابات في الوقت الضائع ، طبعا المقارنة هنا عرجاء ، كما يقول المثل الألماني ، والفرق هائل وكبير بين ما جرى في مصر وبين ما يجري في الأردن ، ولكننا سقنا هذا المثال كي نقرب الصورة.
أعلى سقوف المعارضة في الأردن تبقي الملك والعرش بمنأى عن أي تدخل ، فالاجماع على الهاشميين ليس محط نقاش لدى كل الأردنيين ، الخلاف حول مسائل أخرى دون هذا الإجماع الوطني ، وهي كفيلة بنزع اي فتيل لأي اشتعال غير متوقع..
باختصار شديد ، لو كنت صاحب قرار ، لاتخذت الإجراءات التالية ، دون إبطاء..
أولا ـ حل مجلس النواب ، وإجراء انتخابات وفق قانون انتخاب يزاوج بين القائمة النسبية ، وممثل الدائرة.
ثانيا ـ إعداد قانون للعفو العام ، لتبييض السجون من نزلائها الذين تغص بهم جنباتها ، وفي ذلك أكثر من فائدة ، لا تخفى على أحد،
ثالثا ـ تحرير الإعلام الرسمي من ذهنية إعلام الحكومة إلى إعلام الوطن والدولة ، وفتح الأبواب على مصراعيها لكل صاحب رأي شريف ، معارضا كان أو مواليا ، وتغطية أنباء البلد بمنتهى الشفافية والمهنية ، دون حرق بخور ، كي لا يضطر الناس للذهاب إلى الجزيرة ، لمعرفة ما يجري في ذيبان،
رابعا ـ البدء بعملية إصلاح تشريعي جذرية ، تعيد الهيبة للسلطات الثلاث ، وتنهي تغول السلطة التنفيذية،
خامسا ـ إنهاء التفاوت الهائل في الرواتب ، خاصة في المؤسسات الحكومية ، إذ من غير المعقول أن يتقاضى مستشار في شهر رواتب مائة موظف غلبان ربما في عدة أشهر،
سادسا ـ مراقبة الأسواق (فعليا) والضرب بيد من حديد على يد كل من يلعب بمقدرات الشعب.
سابعا ـ الوقف الفعلي للهدر في المال العام ، مثلا اشاهد كل يوم سيارة حكومية تقل عددا من الأطفال من مدرسة خاصة ، مع سائق خصوصي ، اي فساد هذا ، وبماذا يمتاز الموظف الذي يسخر السيارة والسائق لنقل أولاده ، عن بقية مواطني البلد الغلابى؟؟
ثامنا ـ إلغاء المحاكم الاستثنائية ، وإعادة الهيبة للقضاء المدني.
تاسعا ـ إلغاء أي قوانين (مؤقتة - منذ عقود،) تشكل في مجموعها حالة طوارىء غير معلنة ، يعرفها جيدا المشتغلون بالقانون،
لو ، فعلنا كل ما ورد أعلاه ، فسنجنب بلدنا أي شر يمكن أن يقع لا سمح الله،
hilmias@gmail.com
الدستور