تمر المنطقة اليوم، بمنعطف خطير، وما يحدث في غزة عميق التأثير، إن لم يكن مفترق طرقٍ لا يقل أهميةً عن منعطفات سابقة، وتواريخ حروب مثل عام 1948م، و1967م، وما تلاها من منعطفاتٍ.
فما يجري في غزة اليوم، سيؤسس لمشهدٍ جديد، وهذا ما يمكن استخلاصه من التصعيد الخطير من قبل الاحتلال، وجيشه، وكل الخطاب السياسي في إسرائيل، والذي ينزع نحو الانتقام، وبهمجيةٍ بحاجةٍ إلى لجمٍ سياسي.
والمتأمل للمشهد يدرك أن الخطورة اليوم، بالخطاب السياسي الغربي المساند للإجراءات الانتقامية الإسرائيلية، ووسط هذه المتغيرات الكبرى، والتي ترسم سيناريوهات مرعبة للمنطقة، هنالك القدس.
هذا الإرث اليوم، هو مشروعية لحراك اردني يقوده الملك عبدالله الثاني في ظرفٍ خطير بجهود يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني منطلقها الوصاية، ومنطلقاتها أيضاً، واجبات الأردن، وأدوار ملوك بني هاشم في إسناد فلسطين وأهلها، وحمايتهم، وصون الأرض والبشر، من تصعيدٍ باتت بوادره تأخذ مناحٍ خطيرة.
ولذا، جاء التحرك الفوري من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي استبق الحدث بالتحرك في جولةٍ أوروبيةٍ، المهم فيها أنها جاءت في خضم الحدث، وأخذت على عاتقها المبادرة، وليس انتظار الفعل ومن ثم التحرك بناءً على ردات الفعل، أو بانتظار النتائج على الأرض، وبانتظار المزيد من نزعة الانتقام التي باتت جليةً في خطاب إسرائيل السياسي وتحركاتها العسكرية، والتي وصل بها الحد إلى درجة استغلال الحادثة كلها في سبيل تغيير ديمغرافي لا يقل خطورةً عن نكباتٍ ونكساتٍ سابقة.
إن التحرك الفوري من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني، هو جزء من تشكيل خطابٍ مضادٍ يقنع بداية عواصم القرار، فالأردن اليوم بقيادة الملك عبدالله الثاني يقود الزمام حتى لا تبقى المنطقة العربية تدور في فلك انتظار ردود الفعل.
وفي غمرة هذه الأحداث علينا أن نضع القدس كجزء من خطاب ودوافع التحرك الملكي، وهي البوصلة لفلسطين وقضيتها، فهي المدينة التي في عهدة بني هاشم، إذ بذل جلالة الملك عبدالله الثاني، الوصي على المقدسات العربية والإسلامية في القدس، جهوداً كبيرة في صون هوية وعروبة المقدسات، انطلاقاً من تاريخية الوصاية الهاشمية ودورها على امتداد أكثر من مئة عام..
وجهود جلالة الملك عبدالله الثاني، ما زالت شواهدها حاضرةً في العمران المادي وفي المواقف السياسية والجهود الملكية المبذولة على الساحة الدولية لأجل أنّ تبقى القدس وعروبتها، ومقدساتها، محل اهتمامٍ دوليٍ.
فمنذ تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني، سلطاته الدستورية عام 1999م، كان ترميم منبر صلاح الدين، كما كان، هو المعلم الأول الذي كان في طليعة عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي امتدت خلاله جوانب الوصاية الهاشمية.
إن الوصاية الهاشمية على المقدسات، ذات إرثٍ عميقٍ وما زالت وثائقها تروي جهود ملوك بني هاشم في صون عروبة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وهي وصاية تحمل أدواراً موصولة في دعم وإسناد فلسطين وقضيتها، وإنسانها، وعدم تركها أمام تسويات وحسابات اليمين المتطرف، والخطاب المتصاعد ذو النزعة الانتقامية التي تقفز عن حماية المدنيين، وحقوق الفلسطنيين.