حرب الإبادة التي يقودها كيان الاحتلال الإسرائيلي على غزة ستكون لها آثار اقتصادية خطيرة ومقلقة على المشهد الإقليمي والمحلي معا، وستترك تداعيات لن يكون بالساهل تجاوزها من أي دولة أو حكومة، خاصة إذا كان اقتصادها يعتمد كثيرا في استقراره على عوامل خارجية؛ مثل دعم المانحين والمؤسسات الدولية، ففي حالة الحرب، فإن التقلبات السريعة في التكتلات والتحالفات تؤثر في أشكال الدعم وأولوياته التي تظهر جوانبها السياسية الخفية إلى العلن.
تأثير حرب غزة على الاقتصاد الأردني يمكن أن يكون كبيراً ومتعدد الجوانب، ولن يكون محصورا في جانب معين أو قطاع محدد، فالتجارة الخارجية والصادرات الوطنية ستكون معرضة لهزة في هيكلها في حال استمرار الحرب، إذ يمكن أن تتأثر حدود الأردن مع فلسطين المحتلة؛ بسبب قيود الحركة وتعطيل التجارة والصادرات، مما يؤثر في العمليات التجارية والإيرادات، ورغم أن الصادرات لفلسطين المحتلة لا تتجاوز الـ200 مليون دينار إلا أن مجمل الصادرات كله سيكون معرضاً للتراجع بسبب تطورات المشهد الإقليمي السلبية، والتي قد تؤدي إلى هبوط عام بالحركة التجارية الخارجية خاصة لدول الجوار.
تدني حجم الاستثمارات أحد الإفرازات السلبية التي ستسببها حرب الإبادة على غزة، لأن التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة يؤدي إلى تراجع الثقة وتأجيل استثمارات الشركات المحلية والأجنبية في الأردن، فالاستثمارات لا يمكن لها أن تتحرك في اتجاه إيجابي في ظل تصاعد الوضع الأمني وتزايد الاضطرابات.
استمرار حالة الحرب والنزاع الإقليمي سيكون له أثر مباشر في ارتفاع تكاليف الطاقة، قد تتأثر إمدادات الطاقة والغاز الطبيعي بالحالة السياسية المزرية، فتصاعد وتيرة الحرب وعدم الاستقرار يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج، وقد يؤثر في القطاعات الصناعية والخدمية.
السياحة من أكثر القطاعات تأثرا بشكل مباشر من تداعيات حرب غزة، حيث ستلقي الحرب آثارا سلبية مباشرة في هيكل السياحة والتدفقات الاستثمارية الأجنبية، إذ إن الحرب وتداعياتها ستزيد حالة التوتر السياسي والأمني على حركة السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر في الأردن، مما يؤدي إلى انخفاض الإيرادات والفرص الاقتصادية، وهذه عناصر أساسية في تدعيم عدم الاستقرار الاقتصادي وبناء احتياطات العملات الصعبة.
تأثير سلبي على القطاع المالي في حال استمرار الحرب بهذا الشكل، حيث يرتبط التوتر والضغوط الاقتصادية المرتبطة به بتقليص الائتمان المتاح وتدهور الثقة بالنظام المالي، لا بل إن ذلك سيسبب تراجعا في النشاط الاقتصادي لعدد كبير من القطاعات؛ وبالتالي لن يكون لها قابلية في زيادة أنشطتها أو استثماراتها أو توسعها، بل ستضطر إلى تقليص أعمالها في حال تراجع أنشطتها، وبالتالي ستهبط قابليتها في التعامل المالي مع الجهاز المصرفي، وحتما ستنخفض التسهيلات المصرفية.
على الأرجح إن الحرب ستترك تداعيات وخيمة وضاغطة على خزينة الدولة بأشكال مختلفة، حيث ستزداد الأعباء على الموارد الحكومية، ويمكن أن تضطر الحكومة إلى زيادة الإنفاق على تسوية الأوضاع وتقديم المساعدات الإنسانية والإعمار، مما يضع ضغوطًا إضافية على الموارد الحكومية.
سوق العمل المرتبط أساسا بحالة النمو الاقتصادي سيكون عرضة لهزة عنيفة هو الآخر في حال استمر المشهد الإقليمي باتجاه التدهور الأمني، حيث سيؤدي تدهور الظروف الاقتصادية إلى تراجع فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة في الأردن.
من المهم أن تتخذ الحكومة إجراءات فعالة للتعامل مع هذه التداعيات وتحديات الاقتصاد في ظل الظروف الراهنة، قد يشمل ذلك تنفيذ سياسات اقتصادية حكيمة وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية وتوفير الدعم للقطاعات المتضررة، وتبني خطط طوارئ لتعزيز قدرتها الاحترازية في التعامل مع أي حالة مستجدات أو قاهرة سواء محلية كانت أم إقليمية أو عالمية، وكل الاحتمالات والسيناريوهات باتت واردة مع تنامي حالة الغموض في المنطقة لأي حلول في الأفق القريب، مع تصاعد أعمال الإبادة والجرائم التي يقودها الاحتلال الإسرائيلي ضد الأهل في غزة.
الغد