كما العالم اجمع, تفاجأت العواصم العربية بالحدث الاكبر في تاريخ الصراع العربي الصهيوني, الذي قادته المقاومة الفلسطينية في السابع من اكتوبر العظيم, بقيادة حركة حماس التي اطلقت شرارته باقتحامها المباغت لغلاف غزة, فوجدت بعض الدول العربية نفسها لاهي قادرة على الاحتفال ولا هي قادرة على الادانة, فهي في قرارتها, تعرف انه حق مشروع, وفي سلوكها السياسي لا تستطيع الا ان تجد مخرجا مواربا, لا يدين الحدث ولكن لا يؤيده, فصمتت الدول في الساعات الاولى, وكما يقول سياسي, كانت تدرك ان الرد الصهيوني سيكون كارثيا, مما يؤهلها للرد على الكارثية بتطويع المفردة السياسية المرنة, كما هو الحاصل اليوم, لكنها حتما ستنتقل الى خانة اكثر تقدما مع الايام, وازدياد الارهاب الصهيوني.
الدولة العربية مع استثناءات محدودة جدا, نجحت في امتصاص الصدمة الاولى, وانتقلت الى خانة متقدمة في الفعل والموقف, نتمنى استمرارها, فالاردن في موقف مشرف يرفض اغلاق المستشفى الميداني, وتصريحات رئيس الوزراء في مجلس الوزراء في وقتها, ومصر ترفض فتح المعبر بمسار واحد, والسعودية توقف مسار التطبيع, اي ان دول الفعل العربي, متماسكة, بدليل سداسية الدول الستة التي يتنقل فيها بلينكن, عله يخلق نكسة عربية على غرار نكسة الايام الستة, فالاعلان الاول للزيارة كان الى الكيان الصهيوني, ثم شمل الاردن ومصر والسعودية وقطر, وكلها دول مشتبكة مع الصراع بدرجات متفاوتة, فمنها المنغمس حد التساوق مع القضايا المحلية كالاردن, ومنها المشتبك مع فصيل او لون كدولة قطر, ومنها المنشغل بالنصف كمصر, ومنها المطلوب برهمته كالسعودية, وواضح ان محاولات بلينكن فشلت في جذب واو نصف موقف من الدول الاربع, وثمة تغير محدود في لغته هو.
قد لا يعجب هذا الحديث اصحاب الرؤوس الحامية, وهم قسمان, الاول رأسه ساخن بفعل المجازر والتزلف الدولي والانحياز الاعمى للغاصب وهذا مفهوم براءته, والثاني, يسعى الى تحمية القسم الاول لغايات داخلية او غربية, اي لحسابات بالقطع ليست وطنية, وهنا مكمن الخطر, ففي اعلام الحروب تكون دقة المفردة, جزء من الة الحرب, والبناء على المواقف من الحصافة ان لم تكن كل الحصافة, فغزة ومقاومتها وشعبها, بحاجة الى كل دعم مهما كان شكله او جنسه, وليس مامولا ولا مطلوبا في الوقت الراهن من الدولة الرسمية, اكثر من الدعم اللوجستي والموقف السياسي الايجابي او غير المعادي للمقاومة وفعلها الثوري, واظن هذا حدث من الدولة الرسمية باستثناءات محدودة.
وقضية البكاء على الغزيين والفلسطينيين, وهو المصطلح الذي لا يجوز استخدامه او تعبئة الرأي العام به, في هذه اللحظة حصرا, يجب قراءته والتصدي له, ليس لانه يؤجج الراي العام المنفعل اصلا, بل لانه ينقل الصراع الى الداخل العربي, وليس مع العدو الحقيقي, وحتى لو كانت هناك مواقف رسمية قليلة جدا مخجلة في هذه اللحظة, فلا يجوز تعميم المصطلح, بل المطلوب تعزيز الدولة الرسمية وتثبيتها على مواقفها المعلنة والضغط لمزيد من الفعل لدعم غزة وشعبها, باطلاق العنان للشارع الشعبي كي يرسل رسالة شعبية ساخنة الى العقل الغربي ورسمييه, ويسند القرار السياسي ويدفعه لمزيد من التقدم, واظن الحالة الاردنية اليوم نموذجية, وقابلة للبناء عليها وتصديرها الى العواصم.
omarkallab@yahoo.com
**الرأي