الاعتداء على المتظاهرين وسط البلد يستدعي تحقيقًاً ومحاسبة .
اول امس كان الزميل موفق محادين يشارك مع عدد من الشخصيات السياسية في لقاء مع رئيس الوزراء للحوار حول ما تطرحه جمعية "التغيير" من آراء سياسية. ويوم امس كان محادين ونجله فراس ومعهما خمسة شباب اخرين ضحايا لعملية بلطجة منظمة ضد متظاهرين مسالمين وسط العاصمة عمان. فأي لغة يراد للمتظاهرين والمعارضين ان يثقوا بها ويصدقوها, لغة الحوار مع رئيس الوزراء ام هراوات البلطجية?!
ستصدر الروايات الرسمية تباعا لتنفي الصلة بما جرى وتلقي باللائمة على جهات مجهولة او تحميل الطرفين المسؤولية. لكن على المسؤولين منذ الان ان يعرفوا بانه يصعب تصديق هذه الروايات, فثمة مؤشرات قوية لا تخطئها العين تؤكد ان عشرات البلطجية المسلحين بالهراوات وقضبان الحديد والادوات الحادة لم ينزلوا الى الشارع على رؤوسهم. واذا كانوا مشاركين في مسيرة سلمية فكيف يسمح رجال الأمن لهم حمل العصي الطويلة والادوات الحادة. ولنفترض جدلا ان وجودهم كان مفاجئاً للأمن فلماذا لم يجر اعتقالهم على الفور فالصور التلفزيونية والفوتوغرافية للمسيرة تظهر بوضوح ان رجال الأمن اكتفوا بالفصل بينهم من دون ان يتخذوا اي اجراء ضد من يحمل الادوات الحادة ويعتدي على المتظاهرين بالضرب.
المشهد في وسط البلد كان محزنا ومؤسفا ومخزيا ايضا. محزن ومؤسف لأننا بهذا الاسلوب نضع المواطنين في مواجهة بعضهم بعضا وندفع باتجاه المزيد من الاحتقان والتأزيم في وقت نحن بامس الحاجة فيه الى التلاحم لحماية البلاد. ومخز لأننا نضع الاردن في خانة انظمة ادانها العالم كله عندما لجأت الى اسلوب البلطجة وزاد حقد الشعوب عليها.
في التجارب المماثلة امامنا هذه الايام بدأ اللجوء الى البلطجة كتعبير عن حالة يأس وفقدان التوازن. ونحن في الاردن لسنا في هذه الحالة ولا نريد ان نكون فيها, فمساحة الحوار والتفاهم واللقاء ما زالت كبيرة وواسعة والقواسم المشتركة متوفرة وتحظى بالشرعية, فلماذا نسيء لأنفسنا بهذه الطريقة, ونبدد فرص الاصلاح الديمقراطي والسلمي?!.
كيف للحكومة ان تقنع الرأي العام بأنها جادة في الاصلاح بينما البلطجية في الشارع يعتدون على مسيرة سلمية?
اذا كانت الحكومة معنية في المحافظة على مصداقيتها ومواصلة نهج الانفتاح والحوار الذي استهلت فيه عهدها فان عليها ان تفتح على الفور تحقيقاً مستقلاً في الحادث وتحيل الى القضاء كل المتورطين في هذه المؤامرة, وتتعهد في ذات الوقت بممارسة واجبها في حماية المتظاهرين وحقهم في التعبير السلمي.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)