الأنظمة العربية التي انهارت, وتلك التي في طريقها إلى الانهيار تسعى في أيامها الأخيرة إلى استخدام عدد كبير من "مماسح الزفر" لعلهم يفيدون في محاولة الإنقاذ عن طريق تحسين الصورة, وحتى بعد السقوط يجري البحث عن "مماسح زفر" ترمي إليها الأنظمة بكل الموبقات والأخطاء والممارسات المخزية.
يتمتع مفهوم "الزفر" بقدر كبير من المرونة في الاستخدام, فهو في بعض الأحيان قد يستخدم بالمعنى الايجابي, ويقال حينها أن فلاناً "تزفر" بمعنى طاله شيء من الزفر, وفي العادة يعتبر سعي الواحد منا للحصول على "الزفر" سعياً مشروعاً, وبالمقابل يتأسى عندما يمضي عليه زمن طويل من دون أن يتذوق الزفر أو يشم رائحته.
ولكن هذا المفهوم المرن سوف ينقلب إلى المعنى السلبي عندما يتعلق الأمر بمسح الزفر. وفي حالة مماسح زفر الأنظمة والحكومات قيد البحث, فإنهم عادة ما يكونون أصلاً ممن "تزفروا" في العهد السابق, ثم يتم اختيار بعضهم لمهمة مسح الزفر.
إن التزفر على مستوى الأنظمة أمر فيه مراتب وطبقات, فهناك في كل بلد مَنْ يسيطر على الناتج الوطني من الزفر, وهو ذاته من يقوم بعمليات توزيع الزفر بين المتزفرين, ولهذا فإنه يملك الحق في اختيار المماسح من بينهم عند الحاجة.
إن تحول "متزفر" إلى ممسحة زفر أمر فيه قدر من العدالة, لكن الموقف الأكثر غباء يتمثل في قبول بعضهم بمهمة مسح الزفر في لحظة تلاشي فرص التزفر.
ahmadabukhalil@hotmail.com
(العرب اليوم)