عقدة النفس الغربية التي أنتجت إسرائيل مازالت متأصلة، وتبرز من حين لآخر، ومع الأحداث المفاجئة، فما أن وجدت إسرائيل نفسها في الطوفان، حتى تداعت الدول الغربية، واحدة تِلْوَ الأخرىـ ليس لتأييد إسرائيل، بل للإعلان عن تقديم الدعم لها في عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني وأرضه منذ وجودها، لترسيخ نظرية -الاحتلال الدائم-.
لقد كشف الطوفان هشاشة النظام العالمي:
-فدولة كبرى تحرّك أسطولاً بحرياً تهديداً لشعبٍ محاصَرٍ، دون أن يكون عداء تاريخي بينهما.
-ودول غربية تتوالى في دعم دولة احتلال، تنتهك حقوق الإنسان وتتحدى الشرعية الدولية، دعماً تلقائياً متنكرة لمبادئها الزائفة.
-ودول تدور في فلك الدول الغربية تلحق بها في دعم الاحتلال في إرهابه وقتله وتدميره للإنسان والعمران.
أما ما يسمى بالمجتمع الدولي فله من أمرهِ ومشكلاته ما يغنيه، وأما المنظمات العالمية، الدولية منها والمدنية، فأصبحت فاقدة للإرادة أو القدرة للدفاع عن مبادئها في دعم حقوق الشعوب في إبراز كياناتها وهوِّياتها وتحقيق أمانيها في حياة فضلى ومستقبل زاهر.
وأما النظام العربي والتكتلات الإسلامية فقد أصابها الوهَنْ، وصارت أبعد ما تكون عن الغايات التي وُجدت من أجلها، وإنْ امتلكت خَيْلَ ومالَ المتنبي، فهي لا تمتلك القُدرة على القوْل أو الفِعْل! .
لقد كشف الطوفان مرحلة السُّبات الذي وصل إليه التضامن العربي، والضعف الذي وصل اليه العمل العربي المشترك؛ وغياب الرؤية العربية المشتركة في قضايا مصيرية، فتَعدّد الخطاب العربي في أهمِّ قضية مشتركة وهي قضية الشعب العربي الفلسطيني بما يكابده من احتلال وحياة ضنكا.
ولا مجال للتنظير في وقت إراقة الدماء وتقديم التضحيات، وارتقاء الشهداء.
وهكذا تُبعث الروح الاستعمارية الغربية من جديد، بشعارها -من أجلكِ يا إسرائيل، فلتسقط القيم والمبادئ- ! ..