حرب غزة، ماذا ينتظر نتنياهو؟
فارس الحباشنة
15-10-2023 01:11 AM
وزير الخارجية الامريكية انتوني بلينكين قال حرفيا في تل ابيب: زيارتي ليست فقط بصفتي وزيرا للخارجية، وبصفتي يهوديا فر اجداده من القتل.
ولا احد قال يا بلينكين: ان الهلوكوست صناعة فلسطينية وعربية، والهلوكوست من صناعة الحضارة الاوروبية.
ولجملة وعبارة وزير الخارجية الامريكي ترجمة مباشرة وغير مباشرة، وانا اميل الى الترجمة المباشرة، وتقول بصراحة.. انا امريكي واسرائيلي، بل ان امريكا هي اسرائيل. حقيقة ان واشنطن خائفة على اسرائيل.. والبوارج وحاملات الطائرات، والغواصات النووية واسراب من الطائرات تقترب وتحوم حول الشرق الاوسط عكست خوفا امريكيا في العقل الباطن واللاوعي وتسرب الى مطبخ القرار الامريكي، وتحول مثابة قرار امريكي في الدخول في حرب غزة، والدفاع عن امن اسرائيل وحماية وجودها، وحماية مصالح امريكا الاستراتيجية، وتهديد دول محور المقاومة في الاقليم التي تقف في عين المعركة وعلى تخومها، وتتهيأ الى اي تدخل ومواجهة، وفتح جبهة عسكرية موازية لغزة ضد اسرائيل.
من بداية الصراع العربي / الاسرائيلي، والحروب والنزاعات ومفاوضات السلام، كبار مسؤولي الادارة الامريكية والدول الاوروبية ابلغوا الزعماء والقادة العرب والفلسطينيين انه من المستحيل ان تضغط امريكا وبريطانيا وفرنسا لاقامة دولة فلسطينية، ولو حتى دولة من ورق وحبر ودولة افتراضية.
من نصف قرن موفدو السلام الدوليون التابعون للامم المتحدة وغيرها الى الشرق الاوسط، ماذا قدموا وازاحوا في ملف المفاوضات والسلام ؟
اسرائيل تزداد توسعا استيطانيا، واسرائيل تسيج في جدار عزل داخل الاراضي المحتلة في الضفة والقدس، وتبني جدران عزل حول حدودها مع الاردن ولبنان، ومصر. ومن يستبشرون خيرا، ويقولون ان معركة «طوفان الاقصى» والضربة التي اصابت اسرائيل ستمكن واشنطن من الضغط على نتنياهو في اتجاه حل الدولتين، و يقاربون بين المعركة الحالية وحرب اكتوبر قبل نصف قرن.
ومازال هناك سياسيون فلسطينيون وعرب يرددون عبارة حل الدولتين واحياء المفاوضات، والمبادرة العربية، ويعولون على واشنطن لحماية اتفاقيات السلام مع اسرائيل، ولدورها كراع اصم وابكم واعور لعملية السلام. انظروا الى الضفة الغربية والقدس، وماذا تبقى من اراضي فلسطينية.. 120 مستوطنة، الاستيطان يزحف نحو القدس، ويقضم ما تبقى من دونمات فلسطينية وعربية هناك. في الضفة الغربية الاستيطان انهى حلم اي دولة فلسطينية.. المدن والقرى الفلسطينية محاصرة بالمستوطنات، والمستوطنات عزلت المدن والقرى عن بعضها.. فاي دولة لنفترض، كيف يمكن ان تقوم على جغرافيا ممزقة ومرقعة، وجغرافيا تنطق لسانا توراتيا يقول : مستحيل ومن المعجزات القدرية اقامة دولة فلسطينية.
نعم، القضية الفلسطينية، قبل وبعد معركة «طوفان الاقصى» ستبدو مختلفة على كل الصعد، وليست مثل ما قبل المعركة.
«طوفان الاقصى» احدث انقلابا وتغييرا نوعيا وتكيتكيا في سياق الصراع وادوات الاشتباك والعمليات مع العدو الاسرائيلي.
انقلاب معادلة المواجهة والاشتباك مع اسرائيل جعل الاخيرة تشعر بان عناصر عقيدتها العسكرية والامنية في خطر وتتعرض الى الموت والاندثار.
اليوم غزة وغدا الضفة الغربية، وبعد غد هدم المسجد الاقصى.. واسرائيل اليوم ذاهبة نحو خيارين لا ثالث لهما ابادة او ترحيل الفلسطينيين.. وزير الخارجية الامريكي في زيارته الى الاقليم جاء لكي يدعم ويثبت خيار ترحيل فلسطينيي غزة الى سيناء. و دعونا نتأمل جيدا ماذا يقول سياسيو اسرائيل عن سيناريو التهجير التوراتي لفلسطينيي الضفة الغربية وغزة، وتحقيق حلمهم الاسطوري بدولة شعبها يهودي.
من غزة هي بداية لسياق مختلف للصراع الفلسطيني / الاسرائيلي، وبداية لمتغيرات جيوسياسية في الاقليم، وعنوان لشرق اوسط جديد، فاسرائيل اليوم ليست اسرائيل ايام زمان.
الدستور