إسناد الغرب لإسرائيل فقط "خطيئة وأكثر"
د.حسام العتوم
12-10-2023 12:31 PM
الصراع السياسي و العسكري و الاقتصادي الذي بدأ عامي 1947 و 1948 و تجدد عام 1967 ،و تواصل حتى الساعة هذا العام 2023 إسمه ( العربي – الإسرائيلي ) ، و تحول إلى فلسطيني – إسرائيلي بعد أوسلو عام 1993 ، وبقي فلسطينيا – عربيا – إسلاميا – مسيحيا مع الاحتلال الإسرائيلي ، و لم يكن يوما إسرائيليا فقط ، و صهيونية ثيودور هرتزل عام 1897 التي حركت اليهودية تجاه فلسطين ، وبعد هروبهم من أودولف هتلر عام 1945 و تضخيم المحرقة ، و إعتبارها كانت موجهة لليهود فقط وليس لعموم السوفييت و لكل العالم المناهض للنازية الألمانية ، وبعد إختيار الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين لأن تكون وجهة اليهود من منطقة ( باراذبيجان ) صوب فلسطين بعد عدوله عن توجيههم للقرم و لغير مكان ، قسمت فلسطين عام 1947 إلى دولتين عبرية و عربية ، و رسخت الوجود الإسرائيلي الإستعماري و الإستيطاني على أرض فلسطين أولا بقوة السلاح ، و استثمرت رفض العرب لتقسيم فلسطين بسبب قدسية تاريخها و مكانتها لديهم ، ومضت تواصل الاحتلال لأراضي العرب تارة ، حيث ضمت كل فلسطين و قدسها و مقدساتها التي تنضوي تحت لواء وراية الوصاية الهاشمية منذ عهد قائد ثورة العرب الكبرى الشريف الحسين بن علي -ملك العرب طيب الله ثراه - عام 1924 ، و سيناء ، و هضبة الجولان العربية – السورية ، و مزارع و تلال شبعا اللبنانية ، و الضفة الغربية و غزة ، و الباقورة و الغمر الأردنيتين ، و انسحبت تارة أخرى من سيناء ، و من غزة ،ومن الباقورة و الغمر ، و حاولت إعادة الجولان ، وواصلت ممارسة الاحتلال لفلسطين لعام 1967 ضاربة بعرض الحائط قرار مجلس الأمن و الأمم المتحدة رقم 242 الذي صنع في الأردن و حمل القضية الفلسطينية على أكتافه ، وهو الداعي لإسرائيل لكي تتخلى عن إحتلالها لأراضي العرب التي أحتلت عام 1967 لتسهيل إعتراف العرب بإسرائيل عام 1948 ، و لتقوم دولة فلسطين كاملة السيادة و عاصمتها القدس الشرقية، و ليسود السلام بعد ذلك المنطقة والعالم .
وحدث غزة هاشم المأساوي ، والبطولي ذات الوقت من طرف منظمة حماس الفلسطينية الإسلامية بتاريخ 7 أكتوبر / 2023 وبعد ذلك بعد الاصطدام بالمستعمرة اليهودية " إسرائيل " المتطاولة على الحق الفلسطيني و العربي بشكل دائم، والذي هو ليس الأول منذ إنسحابها من غزة عام 2005 ، وهو عمل متكرر رغم إنهاء صبغة الاحتلال عنه و اعتباره محتلا وكل فلسطين ، و الجولان ، ومزارع و تلال شبعا ، و يأتي ردة فعل على إعتداءات ( إسرائيل ) الاستعمارية الاستيطانية المتكررة على القدس و قبة الصخرة ، و لذلك أطلقت حماس على الحدث الغزاوي إسم (طوفان الأقصى) ، و جاء عنيفا وغير متوقع ، و سقط الشهداء من أهل فلسطين ، و سقط قتلى إسرائيليين، و بالغت ( إسرائيل ) في رقم قتلاها لكي تستعطف الغرب خاصة ، فأعلن الغرب إسناده لإسرائيل فقط ، و حركت أمريكا بوارجها فزعة لجانب ( إسرائيل ) بطريقة ملفتة للنظر و مستغربة و مبالغ فيها ، و أخطأت حماس بالمقابل بإعلان إعدام الرهائن تباعا حالة تدمير ( إسرائيل ) للمباني الفلسطينية الغزاوية بالتدريج ، و ارتكبت ( إسرائيل ) خطأ تدمير مساكن مواطني قطاع غزة ، وهو أمر غير مطلوب وسط أخلاقيات القتال الشجاع، و النصر في حدث (غزة ) هو للمقاومة الفلسطينية الباسلة التي وقفت بوجه الاحتلال الإسرائيلي المتجبر و المتكبر مستهدف كرامة ليس الفلسطينيين الأشقاء و إنما كل العرب و بكامل عمقهم الاسلامي و المسيحي ، و أي جهة عربية سواء كانت جيشا أو حركة مقاومة تتصدى للاحتلال دفاعا أو هجوما توصف من قبل مستعمرة ( إسرائيل ) بالإرهاب ، ومن ينتقد سلوك اليهودية في التعامل عبر المستوطنات مع المواطنين العرب الخاضعين للإحتلال يتهم بالسامية ، رغم أننا نقع في منطقة حاضنة للأديان السماوية الثلاثة الكبيرة ( الاسلام ، و المسيحية ، و اليهودية ) التي تتبع جميعها لجد الأنبياء إبراهيم الخليل عليه الصلاة و السلام .
ولقد وضع جلالة الملك عبدالله الثاني "حفظه الله" الإصبع على الجرح في خطاب العرش السامي بتاريخ 11/ 10 / 2023، في الدورة العادية الأخيرة لبرلمان التاسع عشر ،عندما ربط جلالته بين حدث ( غزة ) الحالي و ضرورة الوصول لحل الدولتين ولقيام دولة فلسطين و عاصمتها القدس الشرقية لينتهي النزاع القائم بين الفلسطينيين و الإسرائيليين ، حيث قال جلالته : " لن ننعم بالأمن و الأستقرار من دون تحقيق السلام الأمن و الشامل على أساس حل الدولتين ليحصل الشعب الفلسطيني على دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 و عاصمتها القدس الشرقية " .
وشخصيا تحدثت بنفس العبارات بتاريخ 10/ أكتوبر / 2023 مع التلفزيون الروسي عبر قناته "24 و1" أثناء مقابلتهم لي هنا بعمان ، و تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لضيفه رئيس وزراء العراق محمد السوداني مؤخرا مطالبا بالوصول لدولة فلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية إلى جانب دولة ( إسرائيل ) ، ملفتا الإنتباه للدور السلبي الأمريكي المعيق لعملية البناء السياسي فوق الأراضي الفلسطينية و لحماية السكان الأمنين الذين لا شأن لهم بالصراع القائم المؤذي لهم ، و الموقف الروسي ثابت وواضح و جريء من القضية الفلسطينية العادلة ، و الموقف الغريب ينحصر في بلاد الغرب ، خاصة في أمريكا التي أعلنت إنحيازها الكامل لإسرائيل فقط في النزاع القائم بين ( إسرائيل ) و قطاع غزة ، و تحديدا مع حركة المقاومة الفلسطينية – العربية – الاسلامية حماس ، و أوعزت بإرسال البوارج لتعزز حماية ( إسرائيل ) من دون أن تطرق الباب لسبل الوصول لسلام عادل ، ووزير خارجيتها بلينكين يزور المنطقة قافزا من فوق أسوار السلطة الفلسطينية – مظلة النضال الفلسطيني إلى جانب قوى المقاومة الفلسطينية الأخرى، و هكذا تصرفت بريطانيا ، و فرنسا ، و المانيا ، و دولة " كييف – زيلينسكي " بالوقوف إلى جانب ( إسرائيل ) و اعتبارها الضحية فقط .
ومقارنة سريعة للموقف الغربي الأمريكي غير المحايد و المنحاز لإسرائيل المحتلة علانية وسط حدث غزة ، مع موقفه المخادع مع أوكرانيا بهدف المحافظة على سيادتها ، بينما وجه عيونه على الاصطدام مع روسيا الاتحادية الناهضة ، من أجل ديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح ،و إستنزافها ، و توجيه عقوبات إقتصادية ضدها ، و كلها أساليب مكشوفة للجانب الروسي ، و يضمر للمكون السوفيتي و السلافي الأنخراط بالصراع الدائم حتى يسود عالم أوحادية القطب الذي بدأ يتراجع وهجه مقابل صعود نجومية عالم الأقطاب المتعددة بقيادة روسيا الاتحادية ، لتعم العدالة ، و ليسود التوازن الدولي ، و ليتحقق السلم العالمي مكان النزاعات و الحروب .
و بما أن ميزان القوة العسكرية في الحدث الغزاوي يميل لصالح ( إسرائيل ) و أمريكا ، بينما تمسك المقاومة الفلسطينية بسلاح الكلاشينكوف و المغامرة ، و بينما المتضرر الأكبر هم أهل غزة – أهل فلسطين ، و المدنيين الإسرائيليين و العسكريين في المقابل ، فإن ( إسرائيل – نتنياهو ) لن تتمكن من إبادة حماس بكل تأكيد كما تعمل وتخطط وتعلن ، والأصل أن تذهب لإنهاء إحتلالها لأراضي العرب حتى يعم السلام كامل المنطقة قبل أن تتسع رقعة الصراع لتشمل حدود لبنان و سوريا و اليمن و أبعد .