الانتخابات الحرة هي عصب الديموقراطية, ولكن اذا توهمنا ان الاخذ بالانتخابات وحدها معيارا للديموقراطية الحقيقية فاننا واهمون اذ ان الانتخابات هي العملية التي تتحدد بها تركيبة المجالس النيابية في النظم المختلفة, ولكن ذلك يعكس الجانب الكمي فقط أي نسبة الاعداد التي تمثل الاحزاب المختلفة والمستقلين داخل المجلس بينما هنا ما هو اهم وهو نوعية من جرى انتخابهم من الناحيتين الفكرية والسياسية فالنوعية قضية مهمة وهي المتعلقة بالجانب المؤسسي للعملية الديموقراطية.وهو يأتي تنامي مؤسسات المجتمع المدني وهيئاته وجمعياته وهو المتكفل باحداث الدوله العصرية إلى جانب الحكومات لا بل تشترك المؤسسات معها ومؤسسات المجتمع المدني تعتبر بحق الطريق الصحيح نحو التنمية البشرية وتأهيل المجتمع من كافة جوانبه لحالة من الاندماج والتجانس فضلا عن تعزيز الخدمات ورفع كفاءة المؤسسات التعليمية والصحية اعتمادا على الجهود التطوعية ومن خلال العمل الاهلي العام.

واضيف هنا ان الذي يعزز سلامه العملية الانتخابية وملحقاتها هي مؤسسات المجتمع المدني المعنية في هذا الشأن والتي تلعب دورا ثقافيا تنويريا ملموسا ولا عجب في ذلك فقد وصف السكرتير السابق للأمم المتحدة كوفي عنان مفهوم العولمة بأنه ذلك الذي يجمع مؤسسات المجتمع المدني الغير حكوميه في اطار واحد وهذا التعريف يعتبر اضافة قوية لدور هذه المؤسسات في دعم مسيرة الاصلاح الوطني والارتقاء بمستوى الحياه وهي قضايا شدسدة الارتباط بقضايا الحريات العامة وتأكيد مفهوم المشاركة السياسية.

فالعلاقة بين مؤسسات المجتمع المدني والديموقراطية علاقة وطيدة لا تحتاج ألى شرح ولا ايضاح لانها علاقة تجعل الاصلاح الاقتصادي ابنا شرعيا للاصلاح السياسي وتؤكد اهمية عمل مؤسسات المجتمع المدني والنشاط التطوعي في دعم مسيرة الحياة السياسية والتدريب والتعليم الحديث يعطي المواطن الصالح القدرة على التفرقة ما بين ينفع وما يضر من خلال الحساب العام للمصلحة العليا للوطن.

ان التعليم المتطور يحوي نوع من التدريب على الحوار والقدرة على التعامل مع المستجدات المختلفة وحيازة الاسلوب الامثل للحصول على المعلومة والتداول مع الفكرة وفهم المناخ العام للحياه السياسية القائمة فالتعليم هو مفتاح العصر وبوابة الدخول الى المجتمعات السوية التي تتمتع بدموقراطية حقيقية.

فالديموقراطية في الشعوب التي تعاني من الامية لم تتمكن من تقديم المرشح الافضل كما انها اثبتت ان نسبة كبيرة من الناخبين لا يتابعون البرامج المطروحة ولا يدركون الفوارق الحقيقية بين المرشحين ويقفون من العملية الانتخابية عند حدود العوامل الشخصية وان تكون اداة الدعاية استغلال الدين وتأثير المال والسطوة وهذه ظواهر تعاني منها الانتخابات في الدول النامية وخصوصا في المنطقة العربية حيث يجري استخدام العناصر الثلاث على نطاق واسع ولن يدفع الشعوب نحو الاختيار الصحيح إلا الاهتمام بالتعليم العصري فهو الذي يصنع ثقافة الديموقراطية ويضع الانسان العربي امام المسئوليات التاريخية الحقيقية ويجعله قادرا على فهم البيئة السياسية وادراك الظروف المحيطة به.