منذ عشرات السنين ونحن نسمع بمشكلة الواجهات العشائرية التي كانت سببا دائما لتوتر علاقة الدولة مع العشائر حتى وصل الامر الى الصدام بين عشائر بني حسن وحكومة مضر بدران قبل ثلاثة عقود من الزمن, وللان لم يتغير شيء, فالمطالبات العشائرية هي ذاتها والوعود الحكومية تتكرر باستمرار.
ولمن لا يعرف بالامر, فان الواجهات العشائرية مصطلح يطلق على مناطق الرعي التي خصصت لعشائر الصحراء في الشمال والجنوب والوسط والاغوار لانها قريبة من موطنهم, وهي اراض لا تمتلكها العشائر بالتملك الرسمي بل خصصت لها بفعل القرب الجغرافي ووضع اليد والاستعمال.
ولم تثر هذه القضية و بحدة الا بعد ان بدأت الدولة تمنع العشائر من "التعدي على املاك الخزينة" وخاصة بعد ان ارتفعت اسعار الاراضي في تلك المناطق بفعل انتشار المشاريع الصناعية او الحكومية وبدء الدولة بتفويض اراض للشركات او اشخاص لغايات الاستثمار, مما اثار العشائر التي تعتبر انها احق من غيرها في التفويض الحكومي.
وقد انكرت بعض الحكومات وجود ما يسمى "بالواجهات العشائرية" ورفضت الرضوخ الى المطالبات العشائرية, لكن الامر اختلف اليوم, فالامر تحول الى مطالب شعبية تدعم بعضها بعضا, يتزامن مع اشتداد المطالبات الشعبية في الكثير من القضايا العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بفعل قوة الدفع الخارجي في الاقليم.
قد يستغرب كثيرون مطالبة العشائر بالواجهات واعتبروا الامر تهديدا واستقواء على الدولة, لكن يجب النظر الى الامر من زاويتين, الاولى ان الارض اصبحت سلعة ثمينة متداولة في السوق على عكس ما كان قبل ثلاثة عقود, والثانية ان الوضع الاقتصادي لسكان العاصمة عمان تحسن بشكل هائل من الدخل الى الخدمات الى نوعية الحياة, في الوقت الذي تراجعت فيه حياة ابناء العشائر في الاطراف واصبحوا يشكلون جيوب فقر وبطالة وتهميشا.
وهذا ما شجع ابناء العشائر على المطالبة باستعادة واجهاتهم, من اجل ايجاد فرص عمل لهم, تحسن من اوضاعهم المعيشية ومساعدتهم من اجل الحصول على لقمة العيش والثبات في ارضهم.
والحل ليس صعبا, فقد نقل مستشار جلالة الملك لشؤون العشائر الى المعتصمين في المفرق, من ابناء عشيرتي الخلايلة والزواهرة انباء طيبة عن اوامر عليا بايجاد حلول مناسبة تنهي هذا الملف المزمن مع كافة العشائر دون استثناء.
فالدولة قادرة على تسوية الامر بما يحسن الاوضاع المعيشية لتلك العشائر التي ما زالت متمسكة بارضها رغم شح خيراتها وضنك العيش, لذا يجب مكافأة من يثبت في مكانه, باعطائه ارضا لانها الوسيلة الوحيدة التي تقنع الانسان في البقاء.
nghishano@yahoo.com
(العرب اليوم)