نتائج فشل التنظير السياسي العربي
م. وائل سامي السماعين
10-10-2023 06:16 PM
منذ ان سيطرة حركة حماس في 14 يونيو/ حزيران 2007، على قطاع غزة بشكل كامل، بعد أيام من الاشتباك المسلّح بين عناصرها، وعناصر تابعة لكل من الأجهزة الأمنية الفلسطينية وحركة فتح، عمقّت هذه السيطرة من الانقسام السياسي الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة ، والذي اصبح من المستحيل في المستقبل المنظور عودة وحدة القيادة الفلسطينية .
منذ ذلك التاريخ لم يتمكن العرب من رأب الصدع بين الفصائل الحمساوية والجهادية والسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ونتيجة لذلك أصبح هناك ممثلان للشعب الفلسطيني حماس في غزة والسلطة في الضفة الغربية شئنا ام ابينا، فهذا أصبح واقعا جديدا، ويجب العمل عليه كأولوية تتقدم على إقامة الدولة الفلسطينية.
ونتيجة لذلك ارتمت حماس في حضن إيران التي تعتبر العدو اللدود لمعظم الأنظمة العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، والدول الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة.
طوفان الأقصى من قبل حماس او اعلان الحرب من إسرائيل، بكل ما يبدو للبعض على انه انتصار لكل طرف، الا انه عبارة عن مجازر ترتكب بحق الأبرياء من الشعب الغزي والشعب الإسرائيلي وهجمات بربرية من الطرفين، فهو قتل للنساء والأطفال والحياة التي منحها الله للبشر، وما نشاهده على شاشات التلفزة، ما هي الا أبشع صور الوحشية للإنسان المعاصر. فكيف يمكن ان نبرر المتعة ونشوة النصر لمجرد قتل الاخر، وخصوصا من الأبرياء.
في ظل غياب الاتحاد العربي وضعفهم الفكري في إيجاد الحلول لمشاكلهم، وضيق افق وفشل التنظير السياسي العربي ومحدوديته ضمن الاطار التقليدي ، إيران تستغل ظروف الشعب الفلسطيني لتصفية حساباتها مع بعض الدول العربية ومع أمريكا والعالم الغربي، فأرسلت طوربيد طوفان الأقصى، ردا على محادثات السلام السعودية الإسرائيلية، وقام البرلمان الإيراني بالتصفيق لعملية طوفان الأقصى، ولكن من يدفع الثمن ؟، فالجميع يصفق ويهلل ويساند، ولكن الثمن الباهظ يدفعه الشعب الفلسطيني.
كيف يمكن لأي عاقل ان يعتقد ان حل الدولتين هو ممكن في ظل الظروف الحالية، فهل ستقبل حماس ان تلقي السلاح وتفتح أبواب غزة لسيطرة السلطة الفلسطينية، التي يمكن تصنيفها بالمعتدلة وضمن الحلف الغربي في المنطقة، ومن جانب اخر هل ستقبل السلطة والعالم ، سيطرة حماس اذا كان هناك انتخابات ديمقراطية وفازت حماس فيها؟ وخصوصا اذا لم تغير نهجها العقائدي، وتتحول الى حزب سياسي من الطراز الأول .
اليمين المتطرف الإسرائيلي وحماس كليهما من نفس العجينة والخميرة، يصبان الزيت على النار ويلقيان الدعم من المتطرفين عقائديا من كلا الطرفين واطراف خارجية أيضا، وعقلاء العرب والإسرائيليين، منشغلين في التنظير السياسي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، فنحن بحاجة الى حلول خارج تفكير الصندوق ، لتعالج مشاكل الواقع ، لنصل الى انفراج سياسي ،يؤدي الى حل سلمي ترضى به جميع الأطراف ، فارض فلسطين ليست لليهود او الفلسطينيين فقط ، فهي مهد الديانات السماوية العالمية ، ويشعر الجميع انها تخص كل واحد منهم .
اما اذا بقي الحال على ما هو عليه، فحل الدولتين سيكون من المعجزات ، واما حق العودة فقد اصبح من الماضي ، ولذلك يجب التفكير خارج الصندوق لحل القضية الفلسطينية كما ذكرت ،والاولوية تبدأ بتوحيد راية الفلسطينيين تحت قيادة موحدة ، تعكس طموح وتطلعات الشعب الفلسطيني السلمية لنيل حقوقه الشرعية ، في إقامة دولة فلسطينية ، تعمل ضمن المنظومة الدولية .