"إنفجار غزة" .. ماذا يعني؟
د.حسام العتوم
10-10-2023 10:43 AM
بتاريخ 7 أكتوبر / 2023 إندلع " طوفان الأقصى " من وسط مقاطعة " غزة " البالغ مساحته 360 كلم2 و تعداد سكانه حوالي 3 ملايين نسمة ردا على الإنتهاكات الإسرائيلية المتكررة في الأراضي الفلسطينية و حول القدس و قبة الصخرة ، و لم يكن الأول في تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي و حول " غزة هاشم " المنكوبة منذ خروج الاحتلال الإسرائيلي منه عام 2005 ، فلقد هاجمته ( إسرائيل) عدة مرات في الأعوام ( 2006/ 2008 / 2012 / 2014 / 2018/ 2021/ 2022 / 2023 ) ، لكنه كان ولا يزال العام الحالي 2023 الأشد عنفا و الأكثر صلابة و نجاحا وحقق نصرا منفردا لحماس و للمقاومة العربية يشهد له التاريخ المعاصر رغم المأساة البشرية، ولو أنه لم يمتد إلى " رام الله " ، وجاء اشتراك " حزب الله " فيه من وسط جنوب الأراضي اللبنانية محدودا على مستوى جبهة المقاومة العربية ، وقضية " الأقصى المبارك " و فلسطين عمقها عربي إسلامي – مسيحي ، و رعاية المقدسات في القدس أردنية – هاشمية منذ عهد قائد ثورة العرب الكبرى المجيدة الشريف الحسين بن علي -ملك العرب طيب الله ثراه- عام 1924 ، و المعروف هو بأن ، صهيونية تيودور هرتزل عام 1897 التفت على عصبة الأمم المتحدة للدفع باليهودية إلى فلسطين ، و عملت عام 1947 على تقسيم فلسطين إلى عبرية و عربية ، و انتظرت رفض العرب للمشروع بإعتبار أن فلسطين أرض مقدسة غير قابلة للتقسيم، و احتلت 80% منها عسكريا عام 1948 ، و اقتنصت عام 1967 فرصة انقضاض القوميين العرب عليها لتحتل كامل فلسطين و القدس و غزة و أراض عربية أخرى مثل ( سيناء المصرية ) ،و ( الجولان – الهضبة العربية السورية ) ، و ( مزارع و تلال شبعا اللبنانية ) ، مع بقاء إقليمي " الباقورة و الغمر " الأردنيتين تحت الأحتلال أيضا ، وبعدها بدأت مستعمرة ( إسرائيل ) بالإرتداد على ذاتها ، و أصيبت سياسيا بأزمة داخلية ،فانسحبت من سيناء عام 1979 بعد معاهدة كامب – ديفيد وزيارة السادات لإسرائيل ، و محاولة سورية مصرية أردنية لإعادة الجولان عام عبر حرب تشرين عام 1973 إنتهت بتحرير جزء من مدينة ( القنيطرة) الجولانية ، وحاولت إسرائيل الخروج من ( الجولان) في زمن إسحاق رابين و حافظ الأسد مقابل فتح سفارة إسرائيلية تقابلها سفارة سورية عام 1995 ،و تكررت المحاولة سرا في زمن الرئيسان بشار الأسد و رجب طيب أوردوغان 2019 ، وفي عام 2019 أيضا أعلن جلالة الملك عبدالله الثاني "حفظه الله" فرض سيادة الأردن بالكامل على إقليمي " الباقورة و الغمر " بعد تحريرهما من وسط معاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية الموقعة عام 1994، و انسحبت ( إسرائيل ) من غزة عام 2005 .
ومضت ( إسرائيل ) بعد سلامها مع مصر ، ومع الأردن ، بتوقيع السلام مع كل من ( المغرب ، و الامارات ، و البحرين ) ، ومن أهدافها بعيدة المدى الأنفراد بفلسطين وبعض أراضي العرب ، وعينها على الصيد الكبير، على سلام مع المملكة العربية السعودية التي ربطت السلام و بشجاعة بحدود الرابع من حزيران لعام 1967 ، و بقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية ، ولقد بح صوت سلطة فلسطين ، ومصر ، و الأردن ، و المجتمع الدولي وهم ينادون بضرورة أن تلتزم ( إسرائيل ) بحدود الرابع من حزيران ، و بحل الدولتين ، و بأهمية قيام دولة فلسطين كاملة السيادة وبعاصمتها القدس الشرقية ، وطالب العرب دولا و مجتمعات بحق عودة أهل فلسطين إلى ديارهم أولا و بحق التعويض ثانيا ، وشكلت إتفاقية أوسلو عام 1993 منصة للإعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية و ( إسرائيل ) ، و بهدف وقف العنف ، لكنها لم تنجح بمهمتها ، و استمر العنف ، و استمرت ( إسرائيل ) محتلة للأراضي العربية بما في ذلك الضفة الغربية ،و انفردت بالفلسطينيين ، وما مهد لذلك هو مؤتمر الرباط العربي عام 1974 الذي إعتبر منظمة التحرير وحدها ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني مع رفع يد الأردن عنها ، وهو الأمر الذي قاد لقرار فك الإرتباط الأداري و القانوني بين الأردن و الضفة الغربية ، و فتح الطريق لكي يرفع العرب يدهم عن مصير قضيتهم الأولى العادلة ، قضية المسلمين و المسيحيين ، ولكي ينحصر النضال العربي عبر منصات السياسة و الدبلوماسية فقط من خلال المطالبة بتفعيل قرار الأمم المتحدة 242 الذي صنعه الأردن وقتها ( كتاب مروان المعشر " نهج الاعتدال العربي – مذكرات سياسية 1991/ 2005 – ( .. فأدى الأردن بذلك دورا أساسيا في صوغ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 في نوفمبر / تشرين الثاني 1967 بعد طلب جمال عبد الناصر من الملك حسين بذل مساع لدى الغرب.
وشعار جمال عبد الناصر ، و القومية العربية في سيتينيات القرن الماضي "ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة " لم يكتب له التوفيق و النجاح على مستوى الجيوش العربية بسبب غياب الوحدة العربية الحقيقية الشاملة ، ولغياب معاهدة الدفاع العربية المشتركة ، و لعدم توفر السلاح الحديث عبر علاقات العرب مع دول العالم الصديقة ، ولعدم تمكن تصنيعه عربيا محليا وقتها ، ولضعف الاستخبار العربي بالمقارنة مع الاستخبار المقابل الإسرائيلي الغربي – الأمريكي ، و انتهت معركة الشعار ببقائه في مكانه و خسران المعركة ، وبعد تحول منظمة ( فتح ) إلى سلطة ، بقي شعار المقاومة بيد حماس و الجهاد الاسلامي ، و تحولت ( فتح ) إلى سلطة ، و انحصر نضالها في معركة (غزة ) على الأعلام ، و جاءت مشاركة ( حزب الله ) محدودة - مجاملة ، وفي الوقت الذي طالبت فيه روسيا الأتحادية بضبط النفس و بالوصول إلى حلول متوازنة بما يتعلق بمعركة غزة الأخيرة ، ووقف إعلامها إلى جانب قضية ( غزة ) العادلة ، و نحن نعرف الموقف الروسي من القضية الفلسطينية في المقابل ، وهو الواضح و الجريء المنادي بضرورة تنفيذ قرار الأمم المتحدة و مجلس الأمن 242 ، و ببناء دولة فلسطين كاملة السيادة و عاصمتها القدس الشرقية ، طالب الرئيس الأمريكي جو بايدن بإسناد ( إسرائيل ) فقط في معركة غزة و أرسل لها الجنود و السلاح وضح النهار العربي و الدولي، و دولنا العربية تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية حتى الساعة صديقة و حليفة إستراتيجية لها ، وهو الأمر المستغرب ، و تطلب أمريكا من بعض العرب فتح مكتب " لحلف الناتو " يكون عند الأتفاق عليه سياسي و لوجستي و عسكري على مستوى المنطقة العربية الواسعة ، و شخصيا أعتقد أن في نجاحه نجاح للأسف للمستعمرة الإسرائيلية الإستيطانية أيضا .
وانفردت إيران في دعم حركة حماس ماديا و تقنيا و عسكريا من زاوية أيدولوجية على مدار عدة سنوات و لها أهدافها الاستراتيجية ،ومن الدول الغربية البارزة التي ساندت ( إسرائيل ) في عدوانها على غزة المانيا – شولتز ، و تصريح لنائب حركة حماس على الجزيرة صالح العروري دعا فيه الغرب للوقوف مع غزة و فلسطين كما يقفون مع أوكرانيا " كييف " ، و الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي – اليهودي الأصل - ساند ( إسرائيل ) في حربها المعلنة على غزة ، و لم يتعاطف مع غزة و لم ينصف أهلها المنكوبين ، ويبقى القانون الدولي عبر مؤسساته الدولية ( الأمم المتحدة ، و مجلس الأمن ، و المحكمة الدولية ، و حقوق الانسان ، ومحكمة الجنايات الكبرى ) المخرج الوحيد لملف القضية الفلسطينية العادلة ومنها قضية غزة ، و قضية الشعب الفلسطيني – شعب الجبارين البطل .