الصورة من أرض المعركة هزت العالم
نبيل غيشان
08-10-2023 11:58 AM
لا تقل معركة "طوفان الأقصى" الخاطفة في الحسابات الاستراتيجية العسكرية والسياسية والنفسية وخسائر العدو العددية والمعنوية أهمية عن حرب أكتوبر 1973 وحرب الكرامة 1968 (نسبة لعدد المهاجمين) نظرا لعنصر المفاجأة الذي باغتت فيه حركة حماس جيش ومخابرات العدو ممرغة سمعته وسمعة التكنولوجيا الحربية الإسرائيلية في الوحل.
من كان يتخيل حتى في أحلامه ان مقاتلي حماس سيهجمون على السياج الحدود ويهاجمون جيش الاحتلال بأعداد فاقت ألف مقاتل ولا يواجهون مقاومة لا بل لم يجدوا أحدا في استقبالهم من جيش وشرطة وحرس حدود واستطاعوا أن يفتحوا أكثر من 22 موقع اشتباك ويوقعوا أكثر من 300 قتيل في جانب العدو وأكثر من 1000 جريح ومئات الأسرى الذين تم سحبهم فورا الى قطاع غزة، بالإضافة الى اغتنام الأسلحة والمعدات والسيارات العسكرية، بالفعل إنها معجزة!.
وصدق المثل الصيني الذي يقول "الصورة بألف كلمة" وهذا ما فهمته حركة حماس وعملت عليه من اللحظة الأولى لبدء هجومها، مخصصة بعض الأشخاص الذين كانوا يصورون ويبثون بثا حيا من ارض المعركة وخاصة انطلاق المقاتلين بالطيران الشراعي او بالموتورسايكلات والسيارات العسكرية والجرافات في كسر الجدار الذي أقامته دولة الاحتلال ظنا منها انه سيحميها او يطلق جرس الإنذار لها لامتصاص الضربة الأولى.
وتقول الدراسات الإعلامية إن الجمهور يتذكر 10% مما يسمع و30% مما يقرأ و80% من مما يرى، لان الصورة تعمل في الذاكرة أكثر من القراءة او الاستماع.
إن العمل البطولي الذي قام به رجال المقاومة الفلسطينية حمل مصداقية كبيرة وأذهل العدو منذ اللحظة الأولى ولم يعطه مجالا لاستخدام وسائل إعلامه المحلية والدولية في نكران الحدث او التخفيف من صدمته على الجمهور في كل مكان، وكذلك فرض على وسائل الإعلام وخاصة المعادية لفلسطين وقضيتها استخدام الصور والفيديوهات التي بثها المقاتلون من ارض المعركة مباشرة.
إن صور المعركة التي بثها المقاتلون الفلسطينيون من ارض المعركة على السياج الحدودي او من المعابر الحدودية او من المخافر الشرطة او شوارع المستعمرات، متقمصين دور المراسلين الحربيين، أعطت مصداقية للحدث ولاحقت الرأي العام في كل مكان ولم تتركه لحظة، بل أمسكت به وفرضت عليه رواية المقاومة.
وظهر سكان المستعمرات مذعورين على وسائل التواصل الاجتماعي يصرخون ويبثون صور العملية العسكرية ويتساءلون (أين شرطتنا وأين جيشنا الذي لا يقهر؟ ولماذا اختفوا ؟ وأين ذهبوا وتركونا؟ ولماذا لم ينبهونا؟ ولماذا لم يأخذونا معهم؟).
أنها مشاهد ستبقى في الذاكرة الإنسانية ولن تغادرها، لأنها رسخت مقولة "الإعلام أداة من أدوات الهيمنة وجزء من المعركة"، مشاهد كسرت سمعة الإعلام الإسرائيلي الذي بدا عاجزا واخذ ينقل بعضا مما تبثه حماس من ارض المعركة.
أنها معركة خالدة لأهل الحق ضد الباطل، ستغير كل موازين القوى العسكرية والمعنوية، معركة ضربت المجتمع الإسرائيلي بعنف وسيكون لها دور مهم في قادم الأيام، معركة رفعت معنوياتنا وأكدت إن شعب الجبارين سيبقى منتفضا حتى جلاء الاحتلال وقيام دولته المستقلة، معركة أكدت أن التطبيع مع العدو المحتل وهم ولا قيمة له بدون زوال الاحتلال وبدون حل عادل يرضى به الفلسطينيون.
تتحمل دولة الاحتلال وجيشها وشرطتها المسؤولية الكاملة عن نتائج عملية "طوفان الأقصى" التي جاءت من غزة ردا على جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، ولا حل للقضية الفلسطينية إلا يرضى عنه غالبية الشعب الفلسطيني ويبدأ من جلاء الاحتلال وينتهي قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.