بعد انتشار العولمة في أواخر القرن الماضي بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية، وبعد سقوط جدار برلين، ولحق به انهيار الاتحاد السوفيتي، كانت موجة الديمقراطية التي أحدثت اختلالا في معظم النظم في مختلف أقطار العالم لتشكيل النظام العالمي الجديد بشعاره العالمي –الديمقراطية.
ولم تعد الديمقراطية بحاجة الى تنظير فكري أو ثقافي، فقد أصبحت أمراً واقعاً عالمياً، وتتراوح ما بين ديمقراطية ليبرالية غربية، كما وصفها هنتنغتون: نهاية التاريخ، وديمقراطية شكلية أقرب ما تكون شعاراً بلا مضمون في معظم المجتمعات البشرية المعاصرة، ومنها المجتمعات العربية، فهل تنمو الديمقراطية الحقّة من الديمقراطية الشكلية، وبخاصة في المجتمعات العربية، وهو ما يهمنا الآن.
يرى البعض أن الديمقراطية في المجتمعات العربية عبارة عن نَبْتَةٍ وليدةٍ غضّةٍ في تربة غير مهياةٍ لها، وتفتقر إلى الجذور في مختلف مجالات المجتمع، ويرى آخرون أن ثمة مجتمعات تحوّلت من مجتمعات مستْتَعْمرَة إلى ديمقراطية فور رحيل الاستعمار، وحتى لو كانت شكلية أحياناً، ذلك أن المجتمات تحرَّكها الرغبة أو الحاجة لحياة ديمقراطية، ترفع شعار حقوق الانسان بما تتضمنه من قيم وسلوكيات وحريات، وتؤكد أهمية إحداث التنمية البشرية بما تتضمنه من الارتقاء بمستوى حزمة الخدمات الاجتماعية، متمثلة بالرعاية التعليمية والصحية والأسرية، والتي تؤدي إلى رفع مستوى الحياة المعيشية فالمجتمعات العربية، وقد تحررت من الاستعمار، وتتطلع الى تنمية بشرية، وإلى نهج الديمقراطية الحقّة، لا الشكلية، تمتلك المقوّمات التي تؤهلها أن تكون مجتمعات ديمقراطية.
- فنسبة القرائية فيها، بالمجمل، تعتبر من الفئة المتوسطة عالمياً.
-ولا تفْتَقِرُ إلى المواراد البشرية، النوعية، ثقافة وتأهيلاً متخصصا وإبداعا في مختلف ميادين الحياة اذا أُتيحت الفرص لذلك
-وتحفزها الحاجات والاهتمامات والطموحات نحو حياة فُضلى.
-وتمتلك مؤسسسات إقتصادية وثقافية وفكرية مؤهلة لإنجاح أي مشروع عربي نهضوي نحو الديمقراطية.
فهل الإرادة للإنتقال من الديمقراطية الشكلية إلى الديمقراطية الحقّة، هل الإرادة متوافرة على المستوى الفردي والمؤسسي؟.