ما جرى يوم امس في غلاف غزة وحول قطاع غزة، والذي ما يزال مستمرا حتى اللحظة، يفوق الخيال والوصف وتعجز قواميس البلاغة والمهارة والفلسفة واللغة وغيرها من الوصف الابداعي ،ان تعطي المقاومة الفلسطينية حقها في وصف شجاعتها وتضحياتها وبطولاتها وذكائها ونجاحها ومنجزها التاريخي الذي سطرته بأحرف من دم وذهب، فقد سحب المقاومون المحتلين كالجرذان وساقوهم كالاغنام واقتادوهم كالعبيد وفرضوا سيطرة كاملة في الميدان ،واذهلوا العدو والصديق والشقيق ،في خططهم وبسالتهم وتنفيذهم وابتكاراتهم وصمودهم.
هؤلاء الابطال يحق لنا ان نسميهم جنود الله الذين اختارهم الخالق بالاسم ،واكرم الشعب الفلسطيني بهم واكرمهم هم بهذه الكرامة والتوجيب.
ما جرى امس وما يزال يجري اليوم، يمثل ابرة الحياة للشعب الفلسطيني والامة العربية، فهو الانتصار الحقيقي الفعلي الثاني بعد معركة الكرامة واول ايام العبور في حرب تشرين، ويذكرنا ببطولات المقاومة في قلعة الشقيف وبيروت وميونخ وسافوي وتل ابيب والدبويا والطائرات الشراعية شمال فلسطين ،وغيرها الكثير الكثير .
امس كان يوما فلسطينيا بامتياز ،يوما تاريخيا في النصر والانتصار على الاوغاد الذين اثخنوا جراحاتنا وتمادوا كثيرا كثيرا ،في الاعتداءات على حرائرنا ومقدساتنا واقصانا وقدسنا ،واوغلوا في قتل ابناء شعبنا والتطهير العرقي ومصادرة الاراضي وهدم المنازل ومصادرة اخرى ،لم يبقوا شيئا ولا وسيلة ولا اسلوبا الا مارسوها ضد ابناء الشعب الفلسطيني ، فكان لا بد من الرد وبقوة هائلة .
المقاومة اختارت الاسلوب والخطة الصحيحة مئة بالمئة في مقاتلة العدو،وهي الوصول الى عقر داره، والاشتباك معه من منزل الى منزل ،ومن شارع الى شارع ومن مسافة الصفر، حيث يتم تحييد كل انواع الاسلحة الثقيلة والاستراتيجية البرية والبحرية والجوية والالكترونية التي يمتلكها الاحتلال ،ومنعه من القيام بحرب كلاسيكية التي يحسمها لصالحه خلال فترة قصيرة نظرا لقدراته العسكرية الهائلة.
ادركت المقاومة ان الانتصار على العدو لا يمكن الا بالاشتباك المتداخل من مسافة الصفر والمسافات القصيرة جدا، وفرض المواجهة وجها لوجه على المحتلين ،لان هذا الاسلوب يضمن تفوق المقاومة وانتصارها.
حزب الله اللبناني حليف حماس اضاع امس فرصة ذهبية تهيأت له على طبق من ذهب، لانه لم يستغل الفرصة التي اتيحت له لاجتياح منطقة الجليل المحتل وتحريره والثبات فيه، لكن للحزب حساباته وظروفه.
المقاومة التي اجتاحت غلاف قطاع غزة امس ،ضمت جميع فصائل المقاومة العسكرية ، سرايا القدس وكتائب شهداء الاقصى والكتائب الوطنية وكتائب الشهيد ابو علي مصطفى والوية الناصر صلاح الدين ،الى جانب كتائب القسام التي شكلت القوة الرئيسية والعمود الفقري للهجوم.
هذا النصر المؤزر يجب ألا يذهب هدرا ، وألا تقلب الطاولة على المقاومة وتفرض شروطا قاسية عليها ،مثل طلب تجريدها من سلاحها الثقيل وخاصة قوتها الصاروخية، بحيث تدفع ثمن هذا النصر، في الوقت الذي يجب البناء على النصر الذي تحقق في تحقيق انجازات سياسية وجغرافية وعلى صعيد الاسرى.
سوف يعمل الاحتلال على تحشيد التأييد الدولي له بمساعدة الادارة الامريكية، ومحاولة فرض شروطا قاسية على المقاومة من اجل رد الاعتبار بعد هزيمته النكراء.