"الناتو" بعمان .. موقف ورأي آخر
د.حسام العتوم
08-10-2023 08:10 AM
اطلعت عبر الأعلام الأردني على تقرير لوكالة الأنباء الأردنية بتاريخ 5/ 10/ 2023 نقل لنا تصريح لنائب الأمين العام المساعد للشؤون السياسية ،و السياسية الأمنية في حلف شمال الأطلسي "الناتو" خافيير كولومينا ، بأن علاقة " الناتو " و عمان قريبة و قوية .
وجاء ذلك حول دائرة مستديرة بعمان الأربعاء بتاريخ 4/ 10 / 2023 ، وفي سياق زيارة رسمية للمملكة تتضمن مباحثات بمستويات مدنية و عسكرية ، مشيرا إلى أن الأردن شريكا أكثر قيمة في حوار البحر المتوسط ، و بأنه سيتم الاحتفال العام المقبل بمرور 30 عاما على الحوار ، مؤكدا على أهمية إفتتاح مكتب " للناتو " بعمان سيجعل العلاقات الثانئية أقرب ، و بأن " الناتو " ماض ببناء حزمة القدرات الدفاعية الأردنية منذ عام 2014 ، و التي طورها عامي 2017 و 2021 ، إلى جانب برامج تدريبية أخرى .
و أوضح بأن زيارات هامة لجلالة الملك عبدالله الثاني لمقر الحلف في العاصمة البلجيكية " بروكسل " ، ولقاء جلالته بأمين عام الحلف ينس ستولنبرغ في مناسبات عدة ،وزيارة سابقة حديثة - الأسبوع الماضي قام بها رئيس اللجنة العسكرية لقيادة حلف "الناتو" الأدميرال روب باور .
و أشاد كلومينا بنهج جلالة الملك عبدالله الثاني المتوازن على صعيد سياسة العلاقات الخارجية للأردن ، ولا يقتصر فقط على السلام في الشرق الأوسط ، ولكن على تحديات الأمن و حروب الإرهاب ،وهي أولى تحديات الحلف ، وحزمة لبناء القدرات الدفاعية الأردنية أقرت عام 2021 .
و يركز الحلف حسب كلومينا على تسيير نهج متكامل يجمع بين المتابعة السياسية للعلاقة و التعاون العسكري و العمل العملي ، و رؤية و إرادة سياسية ، و مستوى جديد في العلاقة و لنهج إقليمي ، و سيكون المكتب الوحيد للحلف ، و لازلت واشنطن تنتظر الموافقة على إفتتاح المكتب رسميا . " إنتهى الأقتباس " .
شخصيا و كمراقب إعلامي و سياسي أردني و عربي و دولي ، و بتواضع ، أرحب بترسيخ العلاقات الأردنية - الأمريكية التي مضى على بناء مداميكها الأولى 70 عاما ، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية خلالها 20 مليار دولار على شكل مساعدات ، و هي ماضية بتقديم 6,5 مليار دولار خلال الخمسة سنوات القادمة ، و تملك أمريكا أكبر سفارة في عمان و الإقليم، و حضورها على الأرض الأردنية يمكن أن يوصف بالقوي جدا و على أكثر من مستوى بحيث يتجاوز إعجاب سفيرتها الجديدة بعمان السيدة يائل لمبرت بالشوارما الأردنية و اعتبارها الأفضل في المنطقة ، و يبدو لي ، وكلامي هنا للدعابة فقط ، بأن سعادتها لم تتذوق "المنسف الأردني " بعد .
و زيارات جلالة الملك عبدالله الثاني "حفظه الله" لواشنطن مستمرة ، و كذلك صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير الحسين المحبوب ، و تبادل تجاري أردني – أمريكي متميز ساهمت إتفاقية التجارة الحرة بتشكيل حجر الأساس في الشراكة الثنائية الأمريكية - الأردنية بنسبة 800% ، و يبلغ حجم التبادل التجاري بين الأردن و أمريكا حوالي 528 مليون دينار العام الحالي 2023 ، وما تقدمة أمريكا للأردن يفوق ما تقدمه أية دولة إقليمية أو دولية ، و تأتي حاجة الأردن بهذا الاتجاه بسبب غياب الوحدة العربية الحقيقية والصندوق المالي العربي الموحد ، و لقوة الولايات المتحدة الأمريكية ، و لسيطرة قطبها على الغرب وعلى مساحات و اسعة من العالم ، و على المؤسسات القانونية الكبيرة فيه .
وفي المقابل ، أن يقترب " الناتو " منا هنا في الأردن ، لا ضرر و لا ضرار ، و سنكون أكثر منعة و صلابة بكل تأكيد ، و لا عدو يقلقنا وطنيا و قوميا غير مستعمرة " إسرائيل " ، التي تعمل ليل نهار لتحول ذاتها لقلعة تحمي نفسها و أمنها من الجوار العربي حسب رؤيتها ، و تبحث عن سلام واسع مع العرب ذات الوقت ، من دون أن تنصاع للقانون الدولي في مسألة القضية الفلسطينية العادلة المعقدة ،و درس " غزة هاشم " الحالي خير مثال ،و قضايا العرب الاحتلالية منذ عام 1967 المرتبطة بقرار الأمم المتحدة 242 ، و هي ، أي ( إسرائيل ) تختلف في سياق القانون الدولي و أمريكا و دول الغرب حتى مع روسيا الاتحادية بعد إندلاع عمليتها العسكرية الإستباقية ، الدفاعية ، التحريرية بتاريخ 24/ شباط / 2022، ومهما تم الاختلاف على تفسير سيادة أوكرانيا من منظور القانون الدولي ، و المعروف ، هو أن " إسرائيل – المستوطنة الواسعة " تتصرف كما أمريكا على أنهما فوق القانون الدولي ، و هكذا كان الحال عندما تم إقتياد الغرب ، و تم صرف لغاية الان أكثر من 200 مليار دولار على الحرب الأوكرانية ، و " كييف – زيلينسكي " تطلب المزيد ، و خلافات جديدة نشبت داخل الكونغرس الأمريكي على موضوع ضخ المال و السلاح الغربي لكييف ، و بشكل مبالغ فيه ، و لم يعد الرأي العام الدولي يفرق بين من يقود من ، أمريكا و الغرب كييف – زيلينسكي ، أم زيلينسكي ، الرئيس – الفنان ، صاحب مسرحية " خادم الشعب " للغرب الأمريكي ؟ بمعنى من هو السيد ؟ وما يهمنا هنا في الأردن ووسط العرب ، هو أن تقف أمريكا معنا بقوة ووضوح في مجال عدالة القضية الفلسطينية الى جانب الغرب ، و روسيا ، و الصين و كبريات دول العالم ، و لا نرغب لجهة أن تتطاول أو تماطل في موضوع حل الدولتين ،و حدود الرابع من حزيران لعام 1967 ، و لأن يبقى الأردن يلتزم الحياد في موضوع ما يسمى شيوعا بالحرب الأوكرانية .
نعم لعلاقة وطيدة بين حلف " الناتو " و بين قواتنا المسلحة الأردنية الباسلة – الجيش العربي ، وعلى مستوى مختلف البرامج التطويرية الدفاعية ، و حتى على مستوى تطوير قدرات الهجوم عندما يطلب الوطن ذلك ، و في الأردن الجيش رأس الأجهزة الأمنية ، وهو جزء هام من نسيج الأردن الوطن الغالي ، وهو عربي ، وهو أردني ، و نعتز به و نفخر عاليا، و هو من أهم خطوطنا الحمراء ، و الأردن في المقابل معروف بسياسته الخارجية المتوازنة ، تماما كما ورد في خطاب ممثل ( الناتو) كلومينا ، لذلك من حقه أن يوازن علاقاته العسكرية مع دول العالم الصديقة و العديدة مثل روسيا الاتحادية ، و الصين الشعبية ، و أفريقيا ، و غيرهم من أقطاب العالم الهامة ، وهو ما يجري على الأرض ألان ، ومحاربة الأرهاب بالتعاون مع حلف ( الناتو ) عمل أردني هام تمشيا مع القرار الرسمي للأردن ، و لدينا مشكلة من هذا النوع مع حدودنا الشمالية على مستوى الإرهاب و المخدرات بسبب ضعف تعامل الجانب السوري مع ضبط حدوده ،و أخشى في المقابل أن تتراوح العلاقات الأردنية – الروسية في مكانها ، أو تتراجع بسبب تأثيرات مكتب " الناتو " السلبية ، وهو المقترح بعمان ، و الذي ينتظر موافقة رسمية أردنية ، و الإعلام الأمريكي و الغربي من شأنه التجذيف لتحويل صورة روسيا صديقة الأردن كذلك إلى ( إحتلالية و عدوانية) بسبب الحرب الأوكرانية الجارية التي بدأت في " كييف " و " واشنطن " و عواصم الغرب ، و لم تبدأ في " موسكو" كما يشاع إعلاميا و يصدقه الناس المثقفين و العامة .
و ثمة فرق بين الحرب التقليدية و النووية و العملية العسكرية بالنسبة لدولة عظمى فوق نووية مثل روسيا الاتحادية ، و الحرب من طرف " كييف " العاصمة غير متوازنة ، وتجري بالتعاون مع دول الغرب الأمريكي بالوكالة ومن دون نتائج حقيقية على الأرض بعد عام و نصف العام على بدء القتال ، و سر عدم حسم المعركة من قبل موسكو مثلا يعود للعقيدة العسكرية الروسية ، و للتداخل الروسي الأوكراني الديمغرافي بعد تحريرها لخمسة أقاليم هي ( القرم ، و لوغانسك ، و دونيتسك ، و زاباروجا ، و خيرسون ) مع ترك باب العاصمة " كييف " مواربا رغم أحقية روسيا التاريخية فيه وفي كافة الأراضي الأوكرانية ، ولا تقبل "موسكو" تقديم "كييف" لذاتها ، وهي جارة التاريخ الروسي و السوفيتي للغرب الأمريكي و لحلف " الناتو " قربانا و هدية مجانية و على طبق من ذهب، وأن تكون دول المنطقة مع " الناتو " قد يعني الشروع بإختراق منظومة عالم متعدد الأقطاب الذي شكلته روسيا مؤخرا بعد نجاح عمليتها العسكرية. . دعونا نراقب !!..