عن حوارات الشاذلي وتعليمات ابن الذين .. !
سمير الحياري
06-10-2023 04:19 PM
طلع الفجر علّي وهدايت تيمور تتحدث عن "الاستاذ" ..
السيدة زوجة الكاتب العربي الاشهر محمد حسنين هيكل والحديث مع الوجه التلفزيوني الابرز منى الشاذلي في ذكرى مئوية الراحل الكبير اذ تظهر ارملته لاول مرة عبر الاعلام لتقديم روايات تاريخية كانت شاهدة على الزمان والمكان.
لعل اكثر ما يلفت الانتباه في المقابلة ان هيكل حينما عاد من رحلة لندن وباريس كانت امامه فرصة الاقامة فيهما برغبة حكومتي البلدين الغربيين لكنه رفض وابلغ زوجته وهو في الطائرة انه يتوقع ان يحبسه الرئيس محمد انور السادات وهذا ما كان.. فطلب منها ان لا تلتمس من احد الافراج عنه او التوسط بذلك مطلقًا وان لا تستجدي الافراج عنه حتى من السيدة جيهان السادات التي كانت تربطها بهدايت علاقة ممتازة ففعلت برجاء "الاستاذ"..
الملفت الثاني في حديث الفاضلة التي بدت من عائلة ارستقراطية ان هيكل لم يبكِ صديقه الحميم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لحظة وفاته رغم الحاحها عليه ان يفعل فيما بكى عند سماعه خبر اغتيال سجانه الرئيس السادات .. وفي هذه مفارقة غريبة.
الملفت الثالث ان هدايت حينما تأتي على ذكر زوجها في حوارها مع الشاذلي تقول عنه "الاستاذ" او "الاستاذ هيكل" فهي تحترمه في مماته كما في حياته ، كما انها لم تستخدم كلمة وفاة او ممات انما "غياب" وكأنه مسافر وسيعود وتلت مقتطفات من وصيته التي طلب منها ان لا تفتحها الا بعد وفاته وتحدثت عن سيرته في الحب واخبار اليوم والاهرام وخريف الغضب تحديدًا..
استذكرت خلال المقابلة سوء طالع الاعلام والسياسيين في بلادنا ، فالذين كتبوا ذكرياتهم او استرسلوا في سردياتهم للصحافة الورقية والالكترونية اوالمتلفزة او الاذاعية من رؤساء حكومات ودواوين وغيرهم جاءوا على سيرهم وكأن بعضهم المنقذ للبلد والامة وان الحاكم كان مجرد متلق لنصائحهم واستشاراتهم في الحرب والسلام ..
وتحسرت على تلفزتنا الوطنية التي تدار بتوجيه "غشيم" وصحافتنا التائهة بين اللقمة والطغمة ، ونشطاء الرأي والابداع المقيدون في اوامر "سي سيد" الذي يقود المشاهدة بقوة الخفي .
قرأنا لعبدالسلام المجالي وفايز الطراونة وعبدالرؤوف الروابدة ومضر بدران وطاهر المصري ونوزات الساطي (الامير زيد بن شاكر) وعدنان ابوعودة وهزاع المجالي وكامل ابوجابر ولم يشف غليلنا اي منهم فما كتبوه كان ربع الحقيقة مما سمعنا من معلومات مهمة من بعضهم فقد زينوا وجمّلوا حتى ثملوا ولا نقل شبعوا .. كنا نود ان نقرأ للكباريتي وعبيدات والخصاونة والذهبي والملقي والرفاعي وابوالراغب والعناني والكركي وشبيلات والقائمة تطول ، ونراهم على شاشات الفضاء المحلي في المئوية التي جاءت واحتفلت بالاقارب والمحاسيب والواسطات ,, ونحب ان نحتفي ب"معه وبه انا ماضون" الوريث والابن الذي يطل يوبيله الفضي بعد اشهر لنستمع للرأي والتقييم بعيدًا عن المديح لصاحب المناسبة انما لذكر ما خفي من قصص حميدة آن اوان نشرها ..
نفهم ان يخفي الملك عبدالله الثاني فيما كتب من مؤلفات وكذلك الحسين وطلال وعبدالله الاول بعضا من الصندوق الاسود الذي يملكون وهو مبرر لان بعض المعلومات تشكل خطرًا على امن الوطن والقادة لكن لا نفهم هذا القرار او الرغبة في منع تلفزيون المملكة او التلفزيون الاردني وكذلك محطات القنوات الاخرى من فتح ابوابها لسرد حكاية وطن عمره زاد عن المائة عام من بوابة مهنية واسعة.
ونحن نأتي على اعلام مصر نريد ان نرى منى الشاذلي الاردنية وعمرو اديب وعماد الدين اديب ولميس الحديدي بنسخة محلية يقدمون ويعدون وينتجون ابداعًا مسؤولًا يؤرخ ويسجل ، فلدينا طاقات تدفن حية وافكار وأدتها عصا الخوف وداستها دواليب الغباء وقتلها ممثلو الجهل القابعون خلف المكاتب..
لا يكفي اطلاق العنان بصورة مقيدة لطلال العواملة في الانتاج وعامر الرجوب ومحمد الخالدي وهاني البدري وعمر كلاب وعبير الزبن في الحوار الساخن والقائمة طبعا تطول .. انما لابد من سياسة تضعها الدولة العميقة لانتاج محتوى متقدم يحاكي المستقبل الذي يتقدم ونحن نحوم حول الدائرة المغلقة.
لقاءات الفضائيات ومقابلات الصحف وسرديات المشاهد تفجر فينا كل يوم تحدي المقاربة والمقارنة ، وتفتح قريحتنا لنقاشات حول ملفات اما منسية او مطوية ومؤجلة وقد جاء وقت نبشها..