لو تغيّرتْ الفُصولُ وجاءَ الخَريفُ خَريفُ العمرِ الَّذي ينذرْ بسقوط الورقِ عن الشجر لتبقى الأغصان عريانة، وتوقف عن الأَثمار، ليتبعها شِتاءٌ قارص زَمهرير فَحتماً سَيعقبُ ذَلكَ ربيعاً باسمِ مخضر ينشر الَخير والسَّلام والطمأنينة والاستقرار .
فمهما اشتَد الاضطهادُ والظُلم والتَّخريبُ الَّذي يُحدِّق بالمسجدِ الأقصى وفي اكنافِه وعلى قُراه وسُكّانِه سيظهرُ الحَّق على هذه الأرض المباركة التي بارك الله فيها وقدر أَقواتها؛ هذا وعد إلهي قادم لا محاله.
من يعاين وضع المسجد الاقصى اليوم يعلم ضيق حال الامة، فاليوم أَصبح المسجد الأقصى اماً ثكلىً، فقدَت جميع أبناءها وشعوبها، اشغلتنا جميعا هذه الدنيا عن بركته وعظمته وخيريتهِ، ممَّا فقدنا كل شيء فقدنا المسجد الأقصى والبركةُ في حياتنا فمن ضَنَك إلى ضَنك ومن مشقة إلى أخرى ومن غَلاء فاحش إلى ظُلم موغل إلى جوع وفقرٍ ، إِن ما نحن عليهِ اليوم هو افتقارنا لمعاني الروحانياتِ المكتسَبة مِن قِداسة المقدساتِ التِي بارك اللهُ فيها مما افقدتنا القَناعة في كل شيءٍ ، فمن يصلي في المسجد الأقصى وينتهل من بركته لنْ يشغل وقته يحسد أخاه على رزقه او يسبه اويبهته، وكذلك لن يخشى على رزق ولا يخشى من مرض ولا يخشى من فقر لانه يعلم انه في كنفِ الخالق ورعايتهِ . ومن يجلس في جدران المسجد الأقصى عابداً لنْ يحرص على التنافس غير الشريف مع زميله بالعمل ولن يقدم على أن يقول ما ليس فيه، إِنَّما سيحرص على التقوى لانه سيعلم أَن اقدامه على النار لَن تقوى.
أليست الأرض واحده؟!، فهذه الأرض شهدت على فلول خيول جيش المغول ، وانكسار الحملات الصليبية وبقاء مأذن المساجد شامخة تصدح بصوت الحق، انما التغير مس النفوس مما افقدها خيريتها وبركتها بفقدانها بَركَة مُقدساتها قاطِبَةٍ.
فليشهدُ الصهاينة أَنَّ أمةَ محمد أمَّة وِلادة ما دام الحق اختارها وشرفها على باقي الأمم، فَلتعتدوا ولِتدنسوا المقدسات وتحيكوا المؤامرات فهذه كرتِكم ، ولكن حتما سنعود وسيكون العود أَحمدُ ، فالأَقصى قِصة تُروى في أَفراحنا واتراحنا في ديارنا وترحالنا في أَزقتنا وحوارينا، فإن نَسي البشر سيذكرهم الحجر والشجرُ .